Home

A federally-registered independent political party

Follow the CEC on Facebook Follow @cecaustralia on Twitter Follow the CEC on Google +


Follow the CEC on Soundcloud












أتريد أن تتعلم كل شيء عن علم الاقتصاد؟الفصل التاسع

أتريد أن تتعلم كل شيء عن علم الاقتصاد؟
So, You Wish to Learn all about Economics?
كتاب في علم الاقتصاد الرياضي الابتدائي
تأليف: ليندون هـ. لاروش
Lyndon H. LaRouche


ترجمة: حسين العسكري
Translated by: Hussein Askary


صَدَرَت الطبعة الانجليزية عام 1995 عن:
EIR News Service, Inc
Washington, D.C




الفصل التاسع

البنية التحتية الاقتصادية الأساسية

Basic Economic Infrastructure



في دراسة للاستثمارات في البنية التحتية الاقتصادية الأساسية في الولايات المتحدة فيما بعد الحرب العالمية الثانية، اكتشف فريق بقيادة "اوفه باربارت هينكه" أن اقرب علاقة إحصائية متبادلة يمكن للمرء أن يواجهها في علم الاقتصاد هي تلك العلاقة ما بين نسب تحسين البنية التحتية الاقتصادية الأساسية وزيادة إنتاجية اليد العاملة .[1]

فخلال قرابة اثني عشر شهرا بعد زيادة الاستثمار في البنية التحتية الأساسية، تحدث زيادة متوازية ومتزامنة في إنتاجية اليد العاملة. فإذا وضع المرء الجدولين البيانيين أحدهما فوق الآخر وحرك المخطط البياني للإنتاجية إلى الوراء مسافة اثني عشر شهراً فان المنحنيين سيبدوان متطابقين تقريبا.

وبصورة عامة زادت الولايات المتحدة نسبة الاستثمارات في تحسين البنية التحتية حتى فترة منتصف الستينيات. أما بعد ذلك فقد هوت تلك النسبة، لكن ازداد إجمالي الاستثمار في البنية التحتية عند نقطة كانت نسبة النمو فيها في هبوط. وكان إجمالي الاستثمار في كل من تحسينات البنية التحتية وصيانتها مشتركين قد وصل إلى أقصى ارتفاع له في فترة ما بعد الحرب العالمية خلال عام 1969. أما بعد تلك النقطة فقد وصل حجم الإنفاق في كل من التحسينات والصيانة المشتركين للبنية التحتية إلى مستوى دون نسبة التعادل (في الربح والخسارة). أما اليوم فإن عملية إعادة ظروف البنية التحتية من ناحية الصيانة في الولايات المتحدة إلى المستويات التي كانت عليها تقريبا في السبعينات ستتطلب إنفاق اكثر من 3 ترليون دولار (بقيمة الدولار عام 1983) لهذا الغرض فقط.

وحسبما سارت عليه التقاليد كانت مسؤولية بناء وصيانة البنية التحتية تقع على عاتق الدولة. وأدت الدولة هذه المسؤولية بسبل متنوعة:

1) الإنفاق المباشر إما من قبل الحكومة الفدرالية أو الولايات أو الحكومات المحلية لبناء وصيانة التحسينات في البنية التحتية؛

2) الشركات الفدرالية أو الحكومية، مثل TVA وهيئات الموانئ والى آخره؛

3) المؤسسات العامة الموجهة حكوميا؛

4) التسهيلات الموجهة ضمن القطاع الخاص للتجارة الداخلية والخارجية وبضمنها خدمات النقل العام والاتصالات. وتكون حصة كبيرة من هذه (المصادر المذكورة) في هيئة مخصصات مباشرة مأخوذة من مخصصات "النفقات" و"رأس المال" الواردة في ميزانية الدولة (الحالة الأولى في القائمة أعلاه).

خلال هذه المدة، منذ 1970، ولكن خاصة منذ 1973ـ 1975، تم تقليص إنفاق الدولة في هذه الأصناف بنسب متسارعة، خصوصا إذا نظرنا إليها من زاوية مقياس قيمة الدولار الثابت التي يتم تقديرها رسميا. فإذا أخذت بنظر الاعتبار النسبة الحقيقية لعملية التضخم، التي تسير بسرعة أكبر من التقديرات الرسمية "المعدلة سياسيا"، فان القصور في صيانة البنية التحتية في هذه الأصناف الثانوية من مخصصات الإنفاق للبنية التحتية يعطينا تقديرا تقريبيا لمدى التآكل المادي الذي حصل فعلا ضمن الفترة المذكورة.

ثم فكر ملياً في السؤال التالي واضعا نصب عينيك الحقيقة سالفة الذكر: أين تقع تكاليف البنية التحتية المتآكلة المنعكسة في حسابات الدخل القومي في نظام المحاسبة الخاص بإجمالي الناتج القومي؟ لا يتم ذكر هذه التكاليف عموما في البيانات والتقارير وتبقى مهملة. ويعني ذلك، ضمنا، أن الإنتاج القومي (بالقيمة المضافة) للولايات المتحدة خلال المدة من 1971 إلى 1983 قد تم حسابه بإضافة ما قيمته 3 ترليون دولار (بقيمة الدولار الثابتة لعام 1983) على هذا الحساب فقط. (وربما علينا خفض هذا الرقم لكي نعكس عناصر الانكماش في البنية التحتية التي يتم ذكرها في الواقع في حسابات الدخل القومي من قبل الأفراد دافعي الضرائب ومؤسسات الخدمات العامة وغيرها.)

هذا يعني انه لو تم تضمين التكاليف الخاصة بعمليتي استنزاف وتآكل البنية التحتية ـ التي كان حريا أن تدرج ـ في إجراءات الحسابات الخاصة والعامة فانه يصبح بالإمكان القول بان هامش إجمالي الربح للنشاطات الاقتصادية المشتركة للقطاعين الخاص والحكومي خلال الفترة بين 1971 و 1983 الذي ذكر بإضافة مبالغٍ فيها تقدر بـ 3 ترليون دولار، بالقيمة الثابتة للدولار لعام 1983، فان هذا الرقم هو في الواقع مقدار العجز في البنية التحتية! ذلك يعني أن هذه التكاليف الخاصة بالاستنزاف والتآكل غير الواردة في البيانات كان الواجب أن تضاف إلى تكاليف سلال السوق للسلع الاستهلاكية والإنتاجية للفترة 1971ـ 1983.

قبل ثلاثة عقود، أمسكت عصابة قاطعي طريق بزمام السيطرة على شركة سكك حديد نيو هافن (New Haven Railroad) في نيو إنجلاند. وعن طريق بتر نفقات صيانة طرق السكك والقاطرات وغيرها تم تقليص كمية المدفوعات بنسب عالية لكل دولار من عائد السكك الحديد. وأدت الأرباح الآنية الناتجة عن عملية نهب الأصول إلى إضافة تحسينات اسمية في الأرباح إلى الأداء المالي المعلن لكل وحدة من الأسهم العادية. واعتمادا على نسبة أسعار المكاسب المالية تضاعفت قيمة الأسهم بشكل غير طبيعي. أما قاطعي الطريق هؤلاء فقد قاموا ببيع أسهمهم عند مستويات أرباح قياسية، مخلفين وراءهم سكك الحديد خرائب.

هذا نموذج لما تم فعله باقتصاد الولايات المتحدة ككل منذ حوالي عام 1969، وخاصة منذ فترة 1971ـ 1974. وهذه ليست من الخدع الجديدة، فمن خلال فرض الإفلاس على جاي كوك (Jay Cooke) في بداية السبعينات من القرن التاسع عشر، وإدخال قانون العودة إلى قاعدة الذهب Specie Resumption Act ، بدأت عملية نهب مشابهة. وكانت محاولة نهب السكك الحديد سمة خاصة لتلك العملية في السبعينات والثمانينات من القرن التاسع عشر. إذ تمكن العديد من الأمريكيين من جني ثروات طائلة بهذه الوسائل بالترافق مع عملية النهب التي قامت بها بريطانيا وجهات أجنبية أخرى ضد ثروة الولايات المتحدة في تلك الفترة وما بعدها. لذلك فقد كانت عملية نهب شركة سكك حديد نيو هافن آنذاك خدعة قديمة أكل عليها الدهر. ومنذ عام 1966، خاصة منذ 1971ـ 1974، تم استخدام طرق احتيال مشابهة ضد كل من البنية التحتية والصناعات الأساسية.

عد إلى عام 1763، إلى زمن رحلة العربة الطويلة التي استلم آدم سمث فيها تعليمات من اللورد شيلبورن تقضي بتدمير اقتصاديات المستعمرات الإنجليزية في أميركا الشمالية والحكم الذاتي المحدود فيها. من ذلك التأريخ فصاعدا، مرورا بعام 1863، كانت المؤسسة البريطانية، المتمركزة حول شركة الهند الشرقية معظم تلك المدة، مصممة على تدمير الولايات المتحدة الأميركية. وفي سبيل المساعدة في تطبيق هذه السياسة، تمتعت مجموعة جناح اللورد شيلبورن بتعاون قوة من داخل مناطق شمال أميركا الناطقة باللغة الإنجليزية، ألا وهي جماعة التوري Tories. كان لجناح التوري هذا، المرتبط بآرون بور (Aaron Burr) طول فترة حياته، عنصران مكونان مميزان على العموم. تركت إحدى مجموعات التوريين الولايات المتحدة (بعضهم عاد فيما بعد). ومجموعة أخرى بقيت لتشكل قاعدة خلفية من التوريين البارزين. وتضمنت هذه المجموعة، بشكل رئيس، أسر مرتبطة بشركتي الهند الشرقية البريطانية والهولندية في نيويورك ونيو جيرزي، بالإضافة إلى الأسر المتحالفة معها من نيوانجلند والتي تتضمن أسماء أسر مثل راسل (Russel) وكابوت (Cabot) ولويل (Lowell) وهيجنسون (Higginson) وبيبودي (Peabody) وبيركنز (Perkins) وكاشنج (Cushing) والى آخره[2]

.

وكانت هذه الأسر هي الدافع وراء عمليات العصيان اليعقوبية (نسبة إلى اليعاقبة Jacobins) في التسعينات من القرن الثامن عشر، ووراء مؤامرة متمركزة حول ارون بور لتدمير الولايات المتحدة عامي 1800 و1804. وقبض على بعضها متلبسة في مؤامرات انفصالية بين عامي 1807و1808. كما كشفوا متلبسين في أعمال خيانية بين عامي 1812و1814. خلال الثمانينات من القرن الثامن كانت بعض عناصر هذا الخليط من الأسر ـ المرتبطة ببعضها البعض ارتباطا شديدا عن طريق الزيجات ـ شركاء في تجارة الرقيق الأفريقيين التي كانت تمارسها شركة الهند الشرقية البريطانية. وبدءا من عام 1790 اصبحوا شركاء شركة الهند الشرقية في تجارة الأفيون في الصين. وبالاشتراك مع المخابرات البريطانية والمصالح السويسرية ومصالح اليسوعيين، نظمت هذه الأسر الحرب الأهلية بدءا من عشرينات القرن التاسع عشر. وابتدعوا الحركة الإبطالية (Abolitionist) في نفس الوقت الذي حاكوا فيه المؤامرة الانفصالية لمالكي الرقيق الكونفدراليين في كارولاينا الجنوبية وكارولاينا الشمالية: غرضهم من ذلك، كما أدلى بذلك "صانع الملوك" في الحزب الديموقراطي، أوغست بيلمونت (August Belmont) في مراسلاته الشخصية، كان تقسيم الولايات المتحدة إلى أجزاء عدة.

تلك كانت موجة عملاء بريطانيا غير المباشرين الذين تعاونوا مع عملاء الخدمة السرية للمخابرات البريطانية من أمثال سير جون روبنسن (Sir John Robinson)، من بداية 1796ـ 1797، في جهودهم الرامية إلى تدمير الولايات المتحدة من الداخل.[3]

ذلك كان الجناح الذي شجع على إدخال فكر كتاب "ثروة الأمم" لآدم سمث إلى الولايات المتحدة، باعتباره (الكتاب) صفة رئيسية للجهود الرامية إلى تدمير الولايات المتحدة من الداخل. تلك كانت القوى الداخلية، داخل الولايات المتحدة، التي تحكمت بكل من الرؤساء اندرو جاكسون (Andrew Jackson) ومارتن فان بورين (Martin Van Buren) وجيمس بولك (James Polk 1845ـ1849) وفرانكلن بيرس (Franklin Pierce 1853ـ 1857) وجيمس بوكانان (Jamec Buchanan 1857ـ 1861) .[4]

وبعد هزيمة كونفدرالييها، بضمنهم جودا بنجامين (Judah Benjamin 1811ـ 1884)[5]

وأسرة سلايديل (Slidell) من لويزيانا، جنت نفس هذه الأسر أرباحا طائلة من مقتل الرئيس ابراهام لنكولن (1861ـ 1865)[6]

لتشن حملة نهب الولايات التي كانت تحت الاحتلال العسكري الفدرالي مضاعفين بذلك الثروة التي جمعوها من الأعمال التجارية "النبيلة" مثل تجارة شركة الهند الشرقية بالرقيق الأفريقيين وتجارة الأفيون في الصين.[7]

ووظفت هذه الأسر ثرواتها بالتعاون مع القوى الخارجية المتمركزة في لندن لتفليس جاي كوك (Jay Cooke 1821ـ 1905) وتفليس الولايات المتحدة عن طريق تشريع قانون العودة إلى قاعدة الذهب (Species Resumption Act)[8]

. وبمساعدة كل من تابعهم تيدي روزفلت (Teddy Roosevelt)[9]

ورئيسهم وودرو ولسون (Woodrow Wilson)[10]

نجحوا في تمرير قانون تأسيس بنك الاحتياط الفدرالي (Federal Reserve Act).

ويتحكم هؤلاء (اليوم) بجامعات بارزة في الولايات المتحدة وأبرز وسائل الإعلام الإخبارية الليبرالية وكبرى وسائل الإعلام الترفيهية ودور نشر الكتب. انهم "المؤسسة الليبرالية الشرقية" (نسبة إلى الشاطئ الشرقي للولايات المتحدة.) المعروفة شعبيا بارتباطها بفرع أميركي من منظمة الطاولة المستديرة اللندنية التي تأسست، أول ما تأسست، تحت اسم الاتحاد المدني القومي (National Civic Federation)، أما اليوم فإنها تدعى مجلس العلاقات الخارجية بنيويورك (New York Council on Foreign Relations). وهؤلاء هم من كان الرئيس فرانكلن روزفلت (1933ـ 1945) ينعتهم بـ "الملكيين اقتصاديا"ويسمى هؤلاء أحيانا بـ "الأشراف"، وما اكثر ما استأجروا كُتّابا ليؤلفوا كتبا ومقالات تصورهم في هيئة أشراف روما القديمة، أو "ذوي الدم الأزرق" أو "الأسر" التي تشكل "طبقة أرستقراطية" أميركية من أصحاب الثراء. إن هؤلاء "اوليغاركيون" بكل المعنى الدقيق للكلمة كما حددناه في محل سابق من هذا الكتاب.

إن هؤلاء ما زالوا يجددون محاولاتهم لتدمير الجمهورية الدستورية الفدرالية للولايات المتحدة. والمثال النموذجي لذلك هي باميلا تشرتشل هاريمان، زوجة السفير الأميركي السابق في موسكو ونائب وزير الخارجية وحاكم نيويورك سابقا، افريل هاريمان. وكانت باميلا ترعى بنفسها جناحا خاصا في الحزب الديمقراطي وتموله شخصيا. وهذا الجناح مكرس بشكل مكشوف لتمزيق دستور الولايات المتحدة ولتأسيس نظام برلماني مخطوط على النموذج البريطاني. كانت أسرة هاريمان الأسرة العنصرية الرائدة في الولايات المتحدة. فبالإضافة إلى أن افريل هاريمان كان من الأنصار المتحمسين الأوائل لدكتاتور إيطاليا الفاشي، بنيتو موسوليني، فان أسرة هاريمان شاركت في مديح نازيي هتلر تعظيما لمذاهب النازيين القائلة بـ"النظافة العنصرية" وذلك أثناء انعقاد اجتماع في متحف نيويورك للتاريخ الطبيعي ـ وهو مركز لبحوث اليوجينيا (تحسين النسل) وما شابهه من العقائد ـ وهي مذاهب مطابقة حقا لتلك التي كان يشجعها آل هاريمان على أنها "يوجينيا".[11]

"ليبراليون"؟ أي ليبراليين هؤلاء الذين يدعمون ليس الفاشية فحسب بل ومذاهب هتلر في النظافة العنصرية؟" ويكفينا أن نشير هنا إلى شرحنا المختصر عن الليبرالية البريطانية في القرن التاسع عشر في الفصول السابقة من الكتاب.

بالرغم من أن هذه الأسر قد اشتركت في احتكارات صناعية ومالية إلا إنها ـ في منظورها الفلسفي ـ كانت مالثوزية صراحةً ("اجتماعية داروينية") حتى قبل أن تنشر، هي وحلفاؤها الكونفدراليون من الأجانب ذوي وجهات النظر الاوليغاركية، "مذهب المالثوزية المحدثة" خلال خريف وشتاء 1969ـ1970. كما أنها كانت القوة الكبرى في الولايات المتحدة وراء المسيرة نحو "المجتمع ما بعد الصناعي". لذلك علينا أن لا نوهم أنفسنا بأننا إذا هرولنا إلى تلك القوى حاملين معنا الدليل بان تدمير البنية التحتية في الولايات المتحدة كان كارثة حقيقية، فإننا تبعاً لذلك سنقنعهم بمحاولة اكتشاف الخطأ في سياساتهم.

ومن الدارج أن تبذل الجهود في محاولة تفسير هذه الصفة أو غيرها من صفات التأثير السياسي لهذه "المؤسسة الليبرالية" في إطار "المؤامرة". وتحاك العديد من المؤامرات المرتبطة بتطبيق مثل هذه السياسات. فالمؤامرات موجودة، ولكن معظم التفسيرات المطروحة حول سبب و كيفية بروز الخصائص التآمرية يدفع بها إلى حافة السخف حين يحاول المفسر أو الكاتب تفسير العملية في إطار الطمع البسيط أو أي شئ من هذا القبيل.[12]

إن أعضاء "أسر الأشراف" أنفسهم يشكلون طبقة محكمة الترابط فيما بينها داخل حياتنا الوطنية. فهم يرسلون أولادهم إلى مدارس وجامعات خاصة يتم فيها فهم التمييز ما بين الوضع الاجتماعي لسليل أحد الأسر ووضع أحد أبناء العامة الذين يؤمون نفس هذه المؤسسات فهما ضمنيا. وحيث تصبح عملية الفهم هذه هي السياسة التطبيقية للممارسات الاجتماعية. وتطغى نفس عملية الفهم هذه على الأندية والأخويات والجماعات الباطنية وغيرها من التي يسمح لأولاد "العائلات" فقط بدخولها. وتندرج في نفس هذا السياق مجموعة خاصة من الكنائس ضمن نطاق خاص مقبول من الطوائف الدينية، ويرشدنا ذلك إلى المؤسسات المالية ومجموعة من مكاتب المحاماة والى آخره. ويمكن الإشارة إلى عملية الفهم هذه على نحو واف عن طريق الضميرين "نحن" و "هم" وهما اثنان من الضمائر التي تقع ضمن حسابات الأنواع المتعددة من أشكال الوعي الطبقي الأوليغاركي. ويرتبط كل هذا الأمر بمسألة "أننا" نشترك بمنظور فكري للعالم مختلف عن منظور"هم".

خلال حوالي قرنين من الزمان، وهي المدة التي قامت ونمت فيها هذه "المؤسسة الليبرالية" من داخل الولايات المتحدة، طرأت على المميزات العامة للعقائد المقبولة عموما (المعتقدات الشعبية) مجموعة تغيرات لها ميزات ظاهرية تشابه عمليات التحول الجذري الثقافي والاجتماعي cultural paradigm shift. مع ذلك فإن المُثُل المؤسِّسة ـ الميزات المرتبطة بالبديهيات والحقائق المقرة لوجهات النظر المقبولة عموما ـ لم تتغير. إذ أنها تتخذ مظهر "الموضات والبدع" المتغيرة من ناحية السلوك والأخلاق والتوجهات السياسية الملموسة. فهي تمثل في هذه النواحي ثقافة ثانوية متنامية، ثقافة اوليغاركية ثانوية متنامية. وتصوغ الثقافة الثانوية المتنامية معايير الأحكام الشخصية ضمن الأغلبية الساحقة من ذرية "الأسر" خلال الأجيال المتعاقبة. إن التركيبة العقلية المحددة بهذه الطريقة هي التي تتحكم في السلوك الفردي والجماعي لتلك الطبقة وبالأخص فيما يتعلق بشؤون السياسات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والقانونية والسياسة الخارجية للولايات المتحدة ككل.

فالتآمر، لهذا السبب، ليس هو مصدر تحول السياسات الذي تفرضه هذه الطبقة الاجتماعية على الولايات المتحدة. فالتآمر هو مجرد وسيلة لتنسيق وتطبيق ما تتطلبه الحالة الفلسفية الراهنة الناشئة، ونظرتها للعالم في أوساط الأغلبية العامة لشيوخ الطبقة بصورة "غريزية" تقريباً.

إن مظاهر "المؤامرة" هي نسبياً الأكثر وضوحا عند مرحلة واحدة أدنى من الطبقة ذاتها. فمثلهم في ذلك مثل الأسر الاوليغاركية، تبقي أسر المؤسسة الليبرالية عيونها مفتوحة بحثاً عن المواهب الفكرية المفيدة ما بين العامة من الناس. فالسياسة التطبيقية الواضحة بجلاء في هذا الخصوص تبدو وكأنها حس "غريزي" منطو على أن "الموهبة الموجودة في أوساط العامة" إما أن تستدرج وتستخدم لصالح الأسر وإما أن تدمر. بالرغم من أن "مواهب العامة" تتضمن "الأشخاص المتوحشين المفيدين" إلا أننا فيما يتعلق بالنقطة المطروحة في هذا الجزء من الكتاب نتحدث عن العامة من أصحاب الحرف والإداريين في الدوائر العليا زائداً "رجل سياسة مفيد" أو رجلين. إن النوع المفضل من أصحاب المواهب من العامة هو النوع الذي يتم انتخابه مبكراً، أي أثناء فترة المراهقة أو بعدها، من بين أعضاء قوائم المدارس والجامعات المقبولة وغيرهما. فيتم اختيار أولئك الذين تكتشف فيهم القدرات الشبابية الكامنة ثم تغربل القوائم. أما أصحاب المواهب الذين يتم فحصهم بدقة والذين يجتازون بنجاح عملية الانتخاب "فيُسيَّسون" كما تسيَّس الخيول إلى المستوى الذي يمكن اعتباره مستوى يؤهلهم ليكونوا مفيدين. ويجب أن يبقى بلاط الأرستقراطي الإقطاعي ماثلا في الأذهان لأنه يمثل نموذجا للسياسة التطبيقية المتعلقة بهذا الأمر.

من هذا المنطلق يوجد في الحياة الإدارية للحكومات والشؤون الخاصة عددٌ من الأفراد من ذوي النفوذ يتم توزيعهم هنا وهناك. ويكون هؤلاء مدينين بوجودهم بدرجة أو بأخرى "للـعائلات". فأثناء عملية تنسيق وتوظيف كل هذه المواهب أو جزء منها في جهد منسق، يتم توليد المؤامرة بمعناها الحقيقي وفي أجلى صورها. فهؤلاء الشياطين "الموهوبين" المساكين ـ بعد أن يكونوا قد باعوا أنفسهم للشيطان ـ يقومون بترديد مجموعة صيغ جاهزة بكل تعصب ودون أن يكون هناك أي دافع مرئي وراء عيونهم شبه الميتة إلا إرادة مالكيهم المفروضة فرضاً: فهذه الأمور هي عملية التآمر الواضحة. فبشكل عام تبقى الأسر بشكل أو بآخر في الخلفية. فما عليهم أن يفعلوا شيئاً سوى أن يوافقوا على "أن شيئاً ما يجب أن يتم فعله بشأن هذا الأمر أو ذاك" حتى يتم تحريك العملية كلها.

بالنسبة لمعظم أفراد المجتمع، بضمنهم قادة الصناعات والشخصيات السياسية البارزة وغيرهم، فإن سلطان هذه الأسر "يحضا بالاحترام". فبهذه الطريقة تصبح هذه الأسر على "درجة عالية من الاحترام". "على المرء أن لا يستهين بالعائلات. ولا أن يستهين بالمؤسسة".

بهذا تصبح اتجاهات السياسة التي تمليها الأسر عادة هي السياسة التطبيقية للأمة.

هل كان تدمير البنية التحتية لاقتصاد الولايات المتحدة أمرا مخططاً له؟ بالمعنى المذكور في المناقشة حول "الأسر"؟ نعم، بدرجة أو بأخرى هذه هي الحال بالضبط.

أما بخصوص موقع البنية التحتية ضمن العملية الاقتصادية، فيكفي أن نضع النقاط التي طورناها في الكتاب في سياق شركتنا الافتراضية الزراعية ـ الصناعية. باستثناء الجزء من البنية التحتية المتعلق كلياً بوظائف الأُسَر، فإن البنية التحتية هي استثمار رئيسي (رأسمالي) ضمن العملية الإنتاجية: فإدارة المياه والنقل وإنتاج وتوزيع إمدادات الطاقة والاتصالات والبنية التحتية الحضرية لا غنى عنها في عملية إنتاج وتوزيع ناتج السلع المادية. فطالما تعلق الأمر بتوفير الأسر للقوة العاملة، فان المُجَمّع الحضري ـ الصناعي ككل يوجد ليلائم عملية إنتاج السلع المادية. فالأسر تشكل "سوق العمل" الذي لا غنى عنه للتنمية الصناعية، أما بنية مركز حضري جيد التصميم فتتمركز بصورة صحيحة حول تركيبة وطبيعة حركة أعضاء القوة العاملة إلى ومن أماكن عملهم، بالإضافة إلى حركة الأطفال والشباب إلى أماكن دراستهم ومنها.

إن أحسن رؤية إلى موضوع التصميم الصحيح للمراكز الحضرية على الأرض هي تلك الرؤية القائمة على فكرة إنشاء مراكز حضرية على القمر والمريخ خلال القرن المقبل. ففي الناحية الأقل أهمية، لكن الضرورية، يكون تبني صوة الإرشاد تلك حافزاً مشجعاً لنا لننقي فكرنا من الافتراضات المتجذرة في عاداتنا، والمرتبطة بالحياة الحضرية كما نعرفها اليوم. فبدلاً من التفكير في كيفية إصلاح تصميم مركز حضري موجود، فإن الأفضل لنا أن نبدأ من الجذور ونتساءل: ما هي المبادئ الواجب توفرها في تصميم مركز صناعي ـ حضري؟ في الجزء الأكبر من الجواب، يؤدي اختيار صوة الإرشاد هذه (بناء مستعمرات على القمر والمريخ) إلى تنبيهنا إلى نوعية التقنيات التي ستميّز البيئة التي ستوجد فيها المدن لمدة ثلاثين إلى خمسين سنة مقدماً. هذه التقنيات هي تلك التي ستمكننا من إطلاق رحلات كوكبية. وهي التقنيات التي ستمكننا من بناء بيئات محاكية لبيئة الأرض على القمر والمريخ، وهي التقنيات التي ستوفر الطاقة والأدوات والإنتاج العضوي للحياة والعمل في مثل هذه البيئات المحاكية لبيئة الأرض. ويجبرنا التأمل في أي التصاميم ستكون عليها تلك المدن وأي حياة ستوجد فيها على الالتفات بنفس الصورة إلى الحياة الصناعية ـ الحضرية الموجودة على الأرض تحت الظروف التي تتطلب ضمنا نفس التقنيات.

وقد يمكن إحداث ثورة في التقنيات، ولكن لا يمكن تغيير العنصر الأساسي للأسرة دون أن يؤدي ذلك إلى تدمير المجتمع. لذلك، فإن التغيرات التقنية ستكون مجبرة على التكيف مع بديهيات الوظائف الداخلية للأُسر ووظائفها الاجتماعية ووظائف أفرادها داخل المجتمع، والمجتمع بشكل عام. من هذا المنطلق، إذا تم تخطيط مدينة جديدة، وإذا بدأ تخطيطها اليوم وكان تخطيطها صحيحاً ومناسباً تبعا لتأثير التقنيات المذكورة، فإن تلك المدينة ستكون مدينة فعالة لمائة أو مائتين أو اكثر من السنين إذا تمت صيانتها جيداً. يعيش الناس في وحدات أُسرية ويتحركون من مكان إلى آخر أثناء النهار بالإضافة إلى القيام بالتحركات المطلوبة لإيصال السلع والخدمات إلى الوحدات الأسرية أو بدائلها المعقولة. ويتم تحديد الفضاء المادي الأدنى المطلوب للوحدات الأسرية، الخ. ومقارنة بالأسر ذات المستوى الثقافي المتمثل بكون أفراده يتخرجون من المدرسة وهم بعمر 25 سنة، يمكن القول أن معايير المساحة القصوى المخصصة لكل وحدة أسرية خلال تاريخ الحضارة لم تتغير رئيسياً، ولن تتغير خلال عدة مئات من السنين القادمة. وكما نوهنا، آخذين بنظر الاعتبار تأثير التقنيات المذكورة خلال مدة مقدارها 30 إلى 50 سنة مقدما، فإن لدينا ضمنياً جميع المعايير التي يجب توفرها لدى مخططي المدن والمهندسين ليصمموا مدينة يمكنها البقاء لألف عام.

على سطح كوكب الأرض، كما هي الحال على القمر والمريخ، عوضا عن وضع البنايات على قطع ارض بالطريقة التي تتم إلى اليوم، يجب أن يتم البدء ببناء ركيزة مشتركة: أي خلية نحل ذات ربما ثلاثة طبقات تتدفق خلالها التحركات التحت ـ أرضية للسكان والشحن والخدمات إلى المستقبل غير المنظور. ويجب أن تكون هذه الركيزة ذات قدرة تحمل عالية جداً تدوم عدة قرون، وأن تكون مرنة قابلة للتكييف مع التغيرات في تكنولوجيا الحركة دون تغيير الركيزة التي توجد ضمنها تلك الحركة. أما الوظائف التعليمية وما يتعلق بها من الوظائف الثقافية فيجب أن تحتل مركز المدينة المبنية على تلك الركيزة، وتكون محاطة بوظائف الحكومة المركزية وما يتعلق بها. وربما يتوجب أن تكون مساحة المدينة ذاتها دائرية (على الأقل بالمعنى العملي للفضاء ـ الزمان الفيزيائي للتحركات)، وبوجود الصناعة الواقعة خارج محيط المدينة. ويجب أن تكون أحجام المدن محدودة، أما التوسع السكاني فيجب حله عن طريق الإسكان في مدن إضافية من نفس الطراز، مدن ذات تكافل مشترك عملياً مرتبطة ببعضها البعض بواسطة طرق نقل رئيسية ذات وسائط نقل عالية السرعة (الرفع المغناطيسي مثلاً). ويجب أن تكون المدينة بيئة كلية لمعيشة أفراد الأسر والوظائف المرتبطة بهم، بيئة ذات استمرارية قادرة على الاستمرار دون حدوث تغير في هذا المجال من مجالات أنشطتها لعدة قرون.

وقد تبدو التكلفة الأولية لمثل هذه المدينة لكل أسرة عالية للوهلة الأولى. تصور هذه التكلفة لكل أسرة ككثافة رأسمال، وتصور أيضا الجزء الأكبر من كلفة تشغيل المدينة الذي تمثله عملية الصيانة. الهدف هو اقتصاد العمل عن طريق مدينة متينة تتم صيانتها عن طريق كلفة اجتماعية متضائلة دوماً.

عن طريق زيادة نسبة العمال المنتجين ضمن القوة العاملة إلى حوالي 50%، والتأكيد على تحقيق فائدة اقتصاد (جهد) العمل في اتجاه "دافع علمي" للاقتصاد، يكون بناء مثل هذه المدن اقتراحا قابلا للتحقيق في الفترة المقبلة مباشرة. وتكون هذه الفكرة ذات مستوى أرفع من محاولات ترميم وصيانة المدن الموجودة التي تكون مكلفة إلى حد كبير جداً والتي هي في نفس الوقت ذات تصميم سيئ لا يمكنها من تأدية وظيفتها بشكل جيد. فإذا أردنا أن نعيد بناء مدينة مثل مدينة نيويورك المهترئة، فإن التوجه الموصى به هو تقسيم المدينة إلى مربعات كما هي، ومن ثم بناء ركائز كتلك التي ذكرناها من الأساس في تلك المربعات وفقاً لخطة عامة تهدف إلى تحقيق أقصى نتيجة ممكنة. تذكر دائماً حقيقة أن مضاعفة نسبة القوة العاملة الموظفة كعمال منتجين في ظروف تقدم تكنولوجي سريع (اقتصاد جهد العمل) تعني زيادة معدل القدرة الإنتاجية لليد العاملة إلى اكثر من الضعف، وتعني أيضا أننا يمكننا توفير ضعف ذلك واكثر لكل فرد من قوة العمل ككل. لا تفكر بما نفعله الآن بل بما يجدر بنا أن نكون فاعلين، ويتضمن ذلك دفع فاتورة تصليح البنية التحتية ذات الـ 3 مليارات دولار المذكورة فيما سبق والتي يجب علينا أن ننفقها خلال الأعوام المقبلة مباشرة، في أي حال من الأحوال، إن لم نكن نريد الموت منهارين على كومة من الحطام.

الماء هو الحياة. الماء العذب لا غنى عنه لحياة النباتات والحيوانات والبشر على الأرض. والنسب المستخدمة لقياس كمية الماء المطلوب لزراعة كل كيلو غرام من الكتلة الحيوية هي معايير صحيحة. إن عملية توزيع وإعادة توزيع كميات المياه السطحية والباطنية المتوفرة، والكميات المنتجة من الماء العذب، توصل الماء إلى المكان الذي يكون فيه الماء مطلوباً إلى أقصى حد. إن عملية التوزيع هذه تزيد القدرة الكامنة النسبية لكل كيلومتر مربع من المساحة. إن واجبنا هو ليس القيام بتوزيع المياه فحسب، بل وتصنيعها أيضا (عن طريق تحلية مياه البحر). إن عملية لنتاج الطاقة من الدمج النووي الموجه ستجعل إنتاج احتياجات الماء العذب أمرا اقتصادياً. إن عملية إنتاج وتوزيع الطاقة لها نفس القدر من الأهمية العامة: أي أن هذا يؤدي إلى زيادة القدرة الكامنة النسبية لكل كيلومتر مربع من المساحة. وللنقل والاتصالات نفس التأثير، بالتناسب مع ناتج السلع المادية لكل فرد من السكان.إن تطوير البنية التحتية الحضرية له اكبر قدرة كامنة نسبية. لهذا السبب، فإن تحسين وصيانة البنية التحتية يجعل من الممكن زيادة الكثافة السكانية النسبية المحتملة. هذه هي الأهمية الوظيفية العامة لذلك الصنف من السلع الإنتاجية (الرأسمالية) المسمى البنية التحتية الاقتصادية الأساسية. من هنا تأتي العلاقة المتبادلة الوثيقة ما بين نسب تحسين البنية التحتية والزيادات في الإنتاجية.


الهوامش

[1] لقد حدد الكاتب شروط تكوين نظام توقعٍ اقتصادي خلال ندوة عقدت في مدينة نيويورك في ديسمبر من عام 1978. إن الشرط الجوهري المحدد لتطبيق طريقة التوقع هذه للكاتب كان النموذج المذكور في أطروحة ريمان عام 1859. ونظراً لأهمية الأطروحة وما نتج عنها من تطورات لعلم فيزياء البلازما والأمور المرتبطة به، فقد تم تبني طريقة التوقع الكومبيوتري الناشئة عنها في مشروع مشترك للصحيفة الأسبوعية Executive Intelligence Review و "مؤسسة طاقة الدمج" Fusion Energy Foundation. وقد وفر الكاتب تفاصيل النموذج، بضمنها المتفاوتات الخطية الواجب استخدامها في تحضير المعلومات لحساب الدخل القومي، وتفاصيل الدالات الهيدروديناميكية الحرارية. وحضّر قسم الاقتصاد والمال في صحيفة Executive Intelligence Review المعلومات المطلوبة، وقام فريق بقيادة رئيس قسم البحوث في "مؤسسة طاقة الدمج"، أوفه باربارت هينكه، بتوجيه التطورات الناتجة عن التطبيقات الرياضية للتطبيقات الكومبيوترية. وقام فريق مؤلف من المجموعتين ببرمجة وتشغيل الكومبيوترات بأنفسهم. وعندما تم تجميع المعلومات من القرن التاسع عشر وتم توسيع عملية التوقع لتضم قواعد المعلومات لأمم أجنبية، تمت إضافة دراسات خاصة قائمة بمساعدة الكومبيوتر والنتائج الحاصلة عن طريق هذه الدراسة كمعالم إضافية لطرق التوقع الأساسية وإجراءاتها. وكانت النتيجة المذكورة هي سلسلة دراسات تمت في المدة 1981ـ1982 حول معايير كثافة تدفق الطاقة للنواحي المختلفة من العملية الاقتصادية تاريخيا.

[2] يشير التأريخ 1863 إلى تطورات حدثت في بريطانيا مثل تدخل الأمير البرت، ولكن أيضاً والاهم من ذلك، تأثير كشف قيصر روسيا اليكساندر الثاني النقاب عن تحالفه العسكري مع الرئيس لنكولن. وتم إرسال أساطيل البحرية الروسية إلى موانئ نيويورك وسان فرانسيسكو، كما تم إرسال ملاحظة قاسية إلى اللورد بالمرستون واللورد راسل في لندن، حذر فيها أن روسيا ستعلن الحرب في أوربا إذا بدأت بريطانيا ونابليون الثالث بشن تدخلهما العسكري المتوقع دعماً للجانب الكونفدرالي (في الحرب الأهلية الأميركية). (وكانت بريطانيا وفرنسا وإسبانيا قد هزمت المكسيك وفرضت عليها الإمبراطور الألعوبة ماكسميليان هابسبورغ للإشراف على عملية إبادة ونهب الشعب المكسيكي.) وتخلت بريطانيا عن مغامراتها ضد الولايات المتحدة والمكسيك. وباستثناء التهديد بإقامة تحالف بريطاني ـ ياباني ضد الولايات المتحدة مباشرة في أعقاب الحرب العالمية الأولى، فإن بريطانيا تخلت عن سياسة إخضاع الولايات المتحدة عسكرياً؛ السياسة التي استمرت بممارستها منذ عام 1763.

ويمكن العثور على الوثائق، المعتمدة من المصادر الأولية والمتعلقة بالشرح التالي "لأسر" المؤسسة الليبرالية في كتاب الباحث أنتون تشايتكن A. Chaitkin, Treason in America.

[3] السير جون روبسون Sir John Robison معروف في الولايات المتحدة بسبب كتابه "جذور المؤامرة" Roots of Conspiracy, 1796- 1797. وهذا الكتاب، وهو أكذوبة بحد ذاته، قد تم طبعه من جديد من قبل "‎جمعية جون بيرتش" John Birch Society التي هي بدورها صدى حديث، من ناحية فكرها ومصادر دعمها، لجماعة "ايسّيكس جونتو" Essix Junto الخيانية التي ظهرت في بداية القرن التاسع عشر. وكان روبسون، وهو عميلٌ لجهاز المخابرات السرية البريطاني SIS والذي كان مرتبطاً سابقاً بالجناح الروسي من للإس آي إس يعمل انطلاقاً من أدنبرة في وقت كتابة وطبع الكتاب في الولايات المتحدة. وكان للكتاب في ذلك الوقت الأهمية التالية. كانت الدوائر التابعة للورد شيلبورن في شركة الهند الشرقية مرتبطة بتعاون وثيق مع الدوائر السويسرية واليسوعية التي كانت خلف الحركة اليعقوبية في فرنسا. من هذا المنطلق، كان العميل السويسري البريطاني البيرت غالاتين، الذي اصبح فيما بعد عضواً في مجلس وزراء كل من جيفرسون وماديسون، ينظم عمليات عصيان يعقوبية في بنسلفانيا مثلا. وفي محاولة للتغطية على الدور البريطاني في قيادة العمليات اليعقوبية داخل الولايات المتحدة ولخلق فتنة بين الولايات المتحدة وأصدقائها في فرنسا قام روبسون بتأليف كتابه الكاذب محاولاً إثبات أن حلفاء كارنو ولافاييت كانوا هم المسؤولين عن التدخل. حتى (جورج) واشنطن تم خداعه. وقام جون كوينسي ادامز John Quincy Adams وآخرون فيما بعد بكشف أكاذيب كتاب روبسون، عندما كتبوا آنذاك إلى الرئيس جيفرسون (كان أدامز في هذه الحالة سناتورا حينها) يبلغونه أن أصدقاء روبسون هم الذين كانوا يشكلون جوهر العمليات الخيانية.

[4] طبقاً للوثائق التي يذكرها تشايتكن، قام كاليب كشنغ Caleb Cushing من نيوبري بورت (ماساتشوسيتس)، الوسيط ما بين قادة الحركة الإبطالية القائمة في ماساتشوسيتس ومؤامرة كونفدراليي تشارلستون، بالتفاوض مع المتآمرين الكونفدراليين معه حول الانتخابات التي تم تزويرها والتي فاز بها فرانكلن بيرس Franklin Pierce. وقد تم تزوير انتخاب بوكانان عن طريق نفس القنوات.

[5] كان جودا بنجامين Judah Benjamin، بالإضافة إلى اوغست بيلمونت August Belmont من نيويورك، عميلاً بريطانياً رئيسياً ضمن الكونفدرالية. بعد ذاك، أي عندما حصل على الجنسية البريطانية، قام بنجامين من لندن بتنظيم عملية تأسيس الكوكلوكس كلان (1867) وتمويلها الأولي. إن لمسيرة بنجامين السياسية خاصية واحدة: وهي تدمير الولايات المتحدة من الداخل. ومن أجل الاطلاع عن قرب على حالته العقلية، طالع كتابه "رسالة حول قانون بيع الممتلكات الشخصية" الذي كتبه عام 1868 "Treatise on the Law of Sale of Personal Property" .

[6] كانت عملية اغتيال لنكولن مخططاً مشتركاً بين المخابرات السرية البريطانية واليسوعيين (مثل أسرة سورّات Surrat). وتشير الدلائل الميدانية بإصبع الشك إلى تواطؤ وزير الحرب ستانتون الذي قلّص قوة الأمن الخاصة بالرئيس إلى ضابط واحد ينادى عليه من الباب إلى منصة الرئيس في اللحظة المناسبة. وفي منتصف المحاكمات التي تلت الاغتيال تمت إعاقة التحقيق. أما الوثائق المتعلقة بذلك فقد شمِّعت من ذلك التأريخ إلى يومنا هذا.

[7] يمكن تحديد أهم قضية وراء اغتيال لنكولن على أحسن وجه عن طريق الإشارة إلى محتوى الخطاب الشعبي الأخير للرئيس في 11 أبريل 1865، وذلك بثلاثة أيام قبل اغتياله: "إننا جميعاً متفقون على أن الولايات التي تم فصلها، كما تسمى، قد خرجت عن إطار علاقتها الصحيحة مع الاتحاد، وإن هدف الدولة الأوحد، مدنياً وعسكرياً فيما يخص هذه الولايات هو إعادتها مجدداً إلى العلاقة العملية الصحيحة. وإنني اعتقد أن هذا الأمر ليس ممكناً وحسب، بل وان القيام بذلك هو اسهل، في الواقع، دون عقد العزم أو حتى التفكير فيما إذا كانت هذه الولايات خارج الاتحاد، مما لو كانت معه. فبعد أن تجد نفسها على ارض الوطن في أمان، فانه سيكون من غير المهم إطلاقا إن كانت في الخارج أم لا. لنشارك جميعاً في القيام بالأعمال الضرورية لإعادة العلاقة الصحيحة والعملية ما بين هذه الولايات والاتحاد. وليمعن كل منا التفكير بكل براءة والى الأبد في ما إذا كان هو قد قام ـ عن طريق القيام بالأعمال الضرورية ـ بإعادة الولايات من الخارج إلى الاتحاد أم قام فقط بإعطائها المساعدة المناسبة دون أن تكون هذه الولايات خارجه (الاتحاد) على الإطلاق."

(المصدر: Collected Works,Vol. VIII, New Brunswick, 1953, p. 403.).

إن كان لنكولن قد بقي على قيد الحياة، في الوقت الذي بدأت فيه مدته الرئاسية الثانية، لما كانت عملية نهب الولايات المحتلة من قبل ذوي الخُرج* carpetbaggers ممكنة.

[8] Salisbury (مصدر سابق) حول الظروف التي أحاطت بإصدار قانون إعادة معيار الذهب.

[9] حول وجهات نظر ثيودور روزفلت الموالية لبريطانيا والكونفدرالية، راجع تشايتكن Chaitkin، الكتاب آنف الذكر.

[10] إن العلاقة ما بين كولونيل هاوس وإي اتش هاريمان له علاقة بقضية ولسون. فعن طريق ترشحه للانتخابات كمرشح ثالث رمى ثيودور روزفلت بالانتخابات إلى ولسون، ضامنا بذلك صدور قانون الاحتياط الفدرالي والتزام الولايات المتحدة بالاشتراك في الحرب العالمية إلى جانب بريطانيا ضد ألمانيا.

[11] تم نشر الوثائق المتعلقة بخلفية أسرة هاريمان الفاشية والعنصرية، وخلفية السناتور موينيهان Moynihan باعتباره سنداً للسياسة العنصرية الهاريمانية، في الحملة الانتخابية لمجلس الشيوخ الأميركي التي قادها في نيويورك ميلفن كلينيتسكي Melvin Klenetsky خلال العام 1982. انظر تشايتكن في المصدر أعلاه.

[12] لهذه القاعدة إستثناءات. ففي حالة كتاب The Tragedy and the Hope (المأساة والأمل) لكارول كويغلي Carroll Quigley نحصل على انطباع عن كاتب ذو حس، على الأقل، بالكيفية التي تسير عليها الأمور في الواقع. وتوجد أيضا بعض الاعترافات النزيهة مثل كتاب مارلين فيرغسون Marilyn Ferguson المعنون "The Aquarian Conspiracy". حول هذا الموضوع؛ طالع كتاب كارول وايت Carol White المعنون "The New Dark Ages Conspiracy".


{{{نهاية الفصل التاسع}}}





Citizens Electoral Council © 2016
Best viewed at 1024x768.
Please provide technical feedback to webadmin@cecaust.com.au
All electoral content is authorised by National Secretary, Craig Isherwood, 595 Sydney Rd, Coburg VIC 3058.