Home

A federally-registered independent political party

Follow the CEC on Facebook Follow @cecaustralia on Twitter Follow the CEC on Google +


Follow the CEC on Soundcloud












أتريد أن تتعلم كل شيء عن علم الاقتصاد؟الفصل الثامن

أتريد أن تتعلم كل شيء عن علم الاقتصاد؟
So, You Wish to Learn all about Economics?
كتاب في علم الاقتصاد الرياضي الابتدائي
تأليف: ليندون هـ. لاروش
Lyndon H. LaRouche


ترجمة: حسين العسكري
Translated by: Hussein Askary


صَدَرَت الطبعة الانجليزية عام 1995 عن:
EIR News Service, Inc
Washington, D.C




الفصل الثامن

الأجور والسكان

Wages and Population



تشكل العلاقات ما بين زيادة السكان وإنتاج الثروة موضوع الجزء الثالث من كتاب هنري سي. كاري Principles of Political Economy (1840) ("مبادئ الاقتصاد السياسي"). وقد وصفنا باختصار في الفصل الرابع من كتابنا هذا الفئات الثانوية الرئيسية لإحصاء الأسر وأعضائها على انه لا غنى عنه في حساب الدخل القومي. إننا لا نحاول أن نعد صياغة جديدة للمادة التي غطاها كاري؛ بل نحصر اهتمامنا هنا بتعريف المبادئ التي تحدد العلاقة الوظيفية الضرورية بين زيادة السكان وصافي الأجور أو ما يعادلها في ظروف التقدم التكنولوجي.

في الموضع المذكور من كتابنا هذا، قمنا بتصنيف أعضاء الأسر إلى فئات رئيسية وفئات ثانوية كما يلي:

ما قبل قوة العمل:

الأطفال الرضع، أطفال دون السادسة، قبل سن المراهقة، مراهقين

في عمر قوة العمل:

القوة العاملة، ليس ضمن القوة العاملة

أكبر عمرا:

السنوات الخمس الأولى (بعد سن العمل)، السنوات الخمس الثانية، السنوات الخمس الثالثة، أكبر سنا من ذلك.

وقد قسمنا الأسر وفقاً للوظيفة المشروطة لأعضائها الواقعين ضمن شريحة القوى العاملة. وقد لاحظنا أن محاولة القيام بمثل هذا التمييز تنطوي على لتباس. لكننا شددنا على أن التحول في وظيفة القوة العاملة هو المهم بالدرجة الأولى، بحيث تعيننا طريقة محاسبة جيدة وثابتة على تلافي الملابسات والمشاكل. وفي ذات الفصل من هذا الكتاب قمنا بتقسيم اسر مجموعة العمال المنتجين من مجمل القوى العاملة تقسيماً ثانوياً عن طريق تعقب جريان ناتج السلع المادية رجعياً (انظر الشكل 1). وقد أغلقنا دورة صيانة الموارد الطبيعية بواسطة وضع البنية التحتية الأساسية ضمن سلة سوق السلع الإنتاجية حيث يجدر بها أن تكون.

وقد بوبنا أصناف النفقات الإضافية من وظائف القوة العاملة كما هو موضح في الشكل 2.

فباستخدام هذه التقسيمات الإحصائية الثلاثة فقط، وباستخدام المفاهيم الواردة في الدالة الرياضية العامة، علينا تفسير التأثيرات التي لابد وان تحدث، على أساس المبدأ، أما في ظروف التقدم التكنولوجي، أو كنتائج لأخطاء السياسة التي يمكن الحكم عليها بأنها أخطاء من هذا الباب.

ونبدأ بتفحص نسب الفئات العمرية الأساسية الثلاثة بالمقارنة بين كل منها والآخر، آخذين بنظر الاعتبار التغيرات الواقعة في تعريف الحدود الفاصلة بين كل منها.

وبتقدم المجتمع تكنولوجياً يميل عمر التخرج من المدرسة (أو ما يعادله) إلى الازدياد بدرجة ما. ولدينا اليوم متطلبات تعليمية للمدارس العامة للحصول على مستويات تكنولوجية ذات كفاءة للقوى العاملة عموماً ما بين 16 و 18 عاماً (متغاضين عن التدهور المتسارع لنوعية المناهج الدراسية والمدرسين خلال العشرين سنة الماضية، وبالذات منذ 1967). ويعني التعليم التكميلي في المدارس المهنية إضافة عامين تقريباً إلى ذلك. فدرجة حامل البكالوريا من الكلية تعني عمر تخرج من المدرسة في حدود 21ـ22 عاماً بالصورة الشكلية. والدرجات الجامعية النهائية، أربع سنوات إضافية، تقريباً. وأربع إلى ست سنوات إضافية في حالة التعليم الاختصاصي ما بعد الدرجات الجامعية النهائية، كما هي الحال في الطب والتأهيل الأكاديمي.

ولأسباب أشرنا إليها في غير موقع من الكتاب، يمكن اختزال الوقت المنقضي في المؤسسات التعليمية إلى حد كبير في ما يخص نوعية التطور المكتسب عند عمر التخرج من المدرسة. فإذا استأصلنا سياسات "جون ديوي" John Dewey التعليمية وسياسات "اللامدرسيين" الذين اتبعوا مسلكه، وإذا أحيينا مبادئ التعليم الكلاسيكي وفقاً لمبادئ همبولت فستكون لخريجي المدارس الثانوية مؤهلات وإمكانيات تفوق تلك التي يتمتع بها خريجو الجامعات الحاصلين على البكالوريا اليوم. ويمكن أن يتضمن هذا المنهج تعليم اللغة اليونانية القديمة ولغة أجنبية أخرى يحصل عليها تلاميذ مستوى الصف العاشر الحالي، وتقليل التركيز على الجبر لصالح الهندسة التركيبية عند نفس المستوى التعليمي (الصف العاشر) مؤديا بذلك إلى إتقان شامل لجميع عناصر علم فيزياء رياضي ذي "مجال معقد" عند الوصول إلى مرحلة التعليم الثانوي. ويتم اليوم إهدار معظم سنين التعليم العام بسبب مناهج دراسية رديئة، وكتب دراسية اردأ وجداول دروس فظيعة يضعها مدرسون يفقدون كفاءتهم في التدريس تدريجياً. وبوجود الإصلاحات الضرورية المذكورة في التعليم المدرسي العام سيكون خريج المدرسة العامة قد غطى سنتين أو ثلاث أو اكثر من نطاق التعليم الثانوي ، وسيكون قد نمى قابلية تعلم اكثر تفوقا من تلك التي لدى تلاميذ المراحل العليا من التعليم الإعدادي اليوم. ويعني هذا أن بالإمكان اختصار مدة التعليم الكلية المطلوبة للتأهل للحصول على درجة تخرج جامعية بما يعادل أربع سنوات: واختصار مدة التعليم قبل البكالوريا إلى حوالي سنتين، والعمل للحصول على درجة بعد التخرج إلى ما أقصاه سنتين إلى ثلاث سنوات.

إنه لمن الخطأ افتراض أن تراكم المعرفة عبر الأجيال المتعاقبة يعني أن كل جزء من أجزاء هذا التراكم يجب ابتلاعه جزءاً واحداً كل مرة وقطعة بعد قطعة. فالتقدم فيما يخص الأساسيات يبسط فهم حقول واسعة من المعرفة، بحيث يميل تقدم المعرفة إلى تقليص الوقت التعليمي المطلوب لإتقان المواضيع قيد الدرس إلى نوعية ثابتة من المعرفة. لذا يجب تصميم المناهج الدراسية على أساس هذا المبدأ.

وتلخيصاً للنقطة السابقة هذه نقول: أن سن التخرج من المدرسة لا يزداد بلا حدود (في مجتمع منظم تنظيماً صحيحاً) بل يصل إلى مستوى عمري أقصى شبه مطلق. ويجب الإبقاء عموماً على سن التخرج من المدرسة عند المستوى المشروط الحالي ما بين 16 و 25 من العمر وبوجود هامش صغير جداً من الحالات الاستثنائية. مع ذلك، وضمن هذا المدى من أعمار التخرج الاختيارية، يتنوع مستوى التعليم التخصصي المطلوب ما بعد الدراسة الثانوية بصورة رئيسية بتنوع مؤهلات التوظيف. بهذا نكون قد وصلنا إلى النقطة (مفترضين أن الإصلاحات الدراسية الضرورية قد تم تطبيقها) التي لن يتم تغيير مدى سن التخرج من المدرسة عندها، وإنما يجب أن يؤدي تأثير التقدم التكنولوجي المتزايد إلى تغيير سن التخرج من المدرسة لدى الشباب ليقارب مستوى 25 سنة، وذلك عندما يؤدي التقدم التكنولوجي إلى تغيير متطلبات التوظيف.

وبعد أن نكون قد انتهينا من النقطة هذه نتوجه باهتمامنا الآن إلى التغير في تركيبة الفئات العمرية للسكان منذ حضارة الصيد والالتقاط.

إن الأمر الرئيسي الجدير بالاعتبار والذي يواجهنا حين نتعقب ناحية التقدم التكنولوجي تلك هو أن شريحة القوة العاملة البالغة عليها أن تعيل المجموعة الأصغر سناً من السكان إلى أن تصل الأخيرة إلى سن التخرج من المدرسة (أو إلى مكافئها الوظيفي في المجتمعات الأكثر تخلفاً). نظراً للمستويات الإنتاجية الواطئة للمجتمعات المتخلفة، وانخفاض معدل العمر المتوقع، لابد أن يكون تشغيل الأطفال هو القاعدة. ولا يتوقف الأمر على كون زيادة إنتاجية اليد العاملة تتطلب ارتفاع سن التخرج من المدرسة (أو ما يعادلها)؛ بل ويكون مثل هذا الارتفاع في سن التخرج من المدرسة مستحيلا بدون زيادة تقابلها في إنتاجية اليد العاملة.

إذا كان لدينا معدل تكاثر محدد في كل أسرة، وإذا كانت لدينا حصة محددة من سلة السوق لكل فرد من أفراد تلك الأسرة الذين هم دون سن التخرج من المدرسة، قم بمقارنة كمية سلة السوق التي يجب توفيرها لإعالة الأعضاء الأطفال والأحداث والشباب لتلك الأسرة في كل عام. والآن قارن هذه (الكمية) بمساهمة معدل كل فرد في سلة السوق بواسطة عمل العمال المنتجين في المجتمع. اعد هذه المقارنة هذه المرة بالنظر إلى عدد العمال المنتجين لكل أسرة.

أعد هذه بالنظر إلى الكلفة الإجمالية لتطوير الاستثمار الإجمالي في الفرد الجديد الداخل إلى صفوف عنصر العمال المنتجين من القوى العاملة، ونفس الشيء إلى الداخلين الجدد إلى القوى العاملة عموماً. وعلينا أن نضع في الحسبان تكاليف جميع الداخلين إلى فئة السكان البالغين. طبق هذه الكلفة، أولا، مقتصراً على ذلك الجزء من الداخلين إلى الشريحة البالغة من السكان الذين يدخلون القوى العاملة ككل، وثانياً، طبق تلك الكلفة الإجمالية فقط على النسبة المئوية من الداخلين إلى الشريحة البالغة من السكان والذين يدخلون أيضا عنصر العمال المنتجين من القوى العاملة. ما هو المردود الذي يحصل عليه المجتمع من تكوين شريحة العمال المنتجين الداخلين إلى القوى العاملة؟ لذلك علينا أن نواصل البحث على هذه الشاكلة طالما أن عنصر العمال المنتجين من مجمل القوى العاملة هو الذي ينتج حاصل السلع المادية.

ومن ثم، بعد استقطاع ما تستهلكه "النفقات الإضافية" من حاصل السلع المادية، وما تستهلكه "طاقة النظام" من ناتج السلع المادية عند الإنتاج ذاته، قم بتفحص المتبقي سنويا لكل عامل منتج ولمعدل عدد العمال المنتجين من القوى العاملة في أسرة. من هذا المتبقي قم باستقطاع سلة المنتجات السنوية من السلع المادية المخصصة لأعضاء الأسرة البالغين. كم سنة على العامل المنتج أن يعمل لكي "يرد" ما يستثمر في إنتاج مجمل عدد الداخلين إلى شريحة البالغين من السكان كل عام؟

لذلك، وفي الحالة الافتراضية التي تعامل فيها إنتاجية العمال المنتجين على إنها ثابتة، تكون القابلية على "السداد" (المردود) مبنية على عدد السنين التي سيقضيها العامل الإنتاجي في العمل بكفاءة. (حتى في احسن الظروف الصحية تضع سرعة النبض القصوى للجهد المبذول ـ التي يطيقها الجسم ـ حدا عمريا تقديريا لا يعطي بعده طول العمر "مردودا" في المهن ذات التركيز على الجهد البدني العالي.) ويفترض أن يكون واضحاً لماذا يكون وجود متوسط عمر متوقع فوق سبعين إلى خمسة وسبعين عام، في مجتمع يشكل فيه العمال المنتجون نسبة 50% من اليد العاملة، ضرورياً للإبقاء على اقتصاد الولايات المتحدة عند مستويات معيشية تعتبر مُرضية اليوم.

إذا اخترنا عمر تقاعد شكلي لأعضاء اليد العاملة عند 65 سنة فإن أحوال الصحة البدنية المطلوبة عند عمر التقاعد تتطلب ضمنيا وجود عدد معين من الأشخاص المتقاعدين في شكل فئات بفواصل عمرية تتراوح بين 65-69 سنة و 70-74 و 75-79 و 80 … سنة. بهذا تكون كلفة ارتفاع معدل عمر الفرد هي إعالة القطاع الذي يتضمن هذه الفئات العمرية من السكان. وفقاً لهذا يجب أن نغير حساب إجمالي الاستثمار الفعال في كل عامل منتج في القوى العاملة.

إن ارتفاع معدل العمر والصحة والظروف الضرورية للسكان تترتب عليها تكاليف طبية وغيرها التي يجب تقييمها جميعاً على حساب عملية إنتاج السلع الضرورية لتوفير سلة سوق كاملة من السلع والعناصر الداخلة ضمن "النفقات الإضافية" المطلوبة لتلبية هذه الظروف. هذا يحدد معنى المصطلح "إيراد الأجور الضروري أو ما يعادله".

إن خفض الأجور أو ما يعادلها من مدفوعات تحت هذا المعدل الضروري لا بد وأن يخلق أنواع من المضاعفات على خصائص وتركيبة السكان. إن محاولة خفض الأجور دون المعدل الضروري، التي هي سياسة مطبقة في الولايات المتحدة منذ يوم 15 أغسطس 1971 ،[1]

تؤدي إلى تدهور الظروف الحياتية نوعيا في الشريحتين الاجتماعيتين المكونتين من الفئتين العمريتين قبل سن التخرج والمتقاعدين. ويحصل ذلك متزامنا مع تخفيض في الخدمات الصحية المقدمة لكل فرد من السكان كماً ونوعاً.

أحد هذين التخفيضين هو تقليل مستوى الإنجاب لدى الأسر. ومن الواضح للعيان أن هذه هي وسيلة لخفض الأجور الحقيقية للأسر على المعدل دون حدوث انخفاض يقابله في حصة كل فرد من أفراد الأسرة من سلة السوق، إذا تمت زيادة معدل انعزال الأشخاص المتقاعدين المنتمين إلى أسر القوة العاملة وتم تقليل متوسط معدل البقاء على قيد الحياة بالنسبة للمتقاعدين الذين تم عزلهم بهذه الطريقة دون متوسط معدل أسر القوة العاملة. باختصار، يتم خفض النفقات على وجهين: خفض ما يدفع لشريحة المتقاعدين من السكان وزيادة سرعة ارتفاع معدل الوفيات ضمن هذه الشريحة. كما يتم أيضاً زيادة معدل الوفيات بين الأفراد تحت سن 65 عن طريق تقديم الخدمات الصحية وفقاً لمعايير "الربحية". أي عن طريق حساب كم هي قيمة الاستثمار في هذا الشخص المريض مقارنة بالضرائب وأقساط التأمين التي سيدفعها في العوام التي سيقضيها ضمن القمة العاملة.

في مثل هذه العملية التي تمارس اليوم يتحول ما يبدأ كتخفيض في نسبة الولادات إلى سياسة "قتل رحيم" euthanasia التي تطبق ضد كل من شريحة المتقاعدين ومن بعدهم المصابين بعاهات وأمراض خطيرة من السكان الذين هم في عمر 50 - 60 سنة.

في هذه الأثناء يحدث تطور آخر يميل إلى الإسراع في انخفاض معدل الولادات وزيادة ممارسات "القتل الرحيم" بصورة مباشرة وغير مباشرة. ففي فترة زمنية لا تتعدى الجيل الواحد سيؤدي خفض معدل الولادات إلى انخفاض يقابله في عدد الداخلين إلى القوة العاملة.

حتى وإن لم ينخفض معدل الولادات بعد جيل إلى ما دون ذلك المستوى فإن النتيجة المباشرة لذلك ستكون دخول عدد أقل من الأفراد إلى القوة العاملة بعد 20 - 25 عام من تاريخه أقل من عدد الداخلين في نهاية فترة الجيل الواحد التي أدت أصلاً إلى حدوث الانخفاض في معدل الولادات أول مرة. أما إذا استمر معدل الولادات بالتدهور فستكون النتائج أسوأ بكثير بطبيعة الحال. ينطبق هذا الوصف (من باب التقريب) على التوجه العام للسكان والقوة العاملة في الولايات المتحدة منذ الركود الاقتصادي الذي حصل في الأعوام 1957-1959.

أولا: لقد أصبحنا شعباً هرماً ديموغرافياً. فحجم القوة العاملة في انكماش مقارنة بعدد المتقاعدين، ومتوسط معدل عمر القوة العاملة في ارتفاع خاصة في صنف العمال المنتجين الماهرين والماهرين نسبياً. إن مستوى التعمير بين العمال المنتجين عموماً يرتفع بسرعة أكبر من مستوى تعمير القوة العاملة ككل. وطالما كانت نسبة العمال المنتجين ضمن مجمل القوة العاملة في انخفاض بحيث يؤدي ذلك إلى زيادة نسبة البطالة بين الداخلين مستقبلاً إلى القوة العاملة أو أن يجبروا على العمل في وظائف هامشية في قطاع الخدمات، وهي وظائف ذات متطلبات بدنية كبيرة ولا تحتاج إلى مهارة.

إن الولايات المتحدة وأمما صناعية أخرى (أو مثلا دول "صناعية سابقا" مثل بريطانيا) هي أمم تحتضر ديموغرافياً وذلك بلغة عالم الديمغرافيا. في غضون مائة عام من الآن قد تصبح اللغة الألمانية "لغة ميتة" على سبيل المثال، أما الولايات المتحدة فإنها تسير في نفس الطريق.

ولا بد من أن نشدد مجدداً على أن انخفاض نسبة العمال المنتجين ضمن قوة العمل يشكل خطراً مزدوجاً. في الواقع، إذا حسبنا كل الذين يفترض بهم أن يبحثوا وأن يجدوا عملا اليوم، فإننا سنجد 25 مليون عاطل عن العمل أو أكثر في أمريكا. وطالما أن عنصر العمال المنتجين ضمن القوة العاملة الموظفة هو المسؤول عن إنتاج حاصل السلع المادية المطلوب، فإن انخفاض نسبتهم إلى مستوى 21% عام 1983 مضافا إليه حقيقة وجود 25 مليون عاطل عن العمل يبين سبب الارتفاع الهائل في تضخم التكاليف في الأعوام الثمانية عشرة الأخيرة. إن الصورة الديمغرافية تبين ما يمكن برهنته في صيغ أخرى. أي أن اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية كان ولازال يعمل تحت معدلات اللاربح واللاخسارة الاقتصادية الفيزيائية الحقيقية منذ بداية عام 1980 وربما حتى قبل ذلك، أي منذ الأعوام 1972-1974. إن الصورة الديمغرافية توضح بشكل جيد ودراماتيكي كيف ولماذا حدث هذا.

أما على الجانب الإيجابي للمسألة، توضح المناقشة الأخيرة أهمية تلبية بدل الأجور الضرورية أو ما يعادله بشكل كامل لكل فرد ولأدنى نسبة مئوية لعنصر العمال المنتجين الموظفين من مجمل القوة العاملة الموظفة في عملية إنتاج السلع المادية وكما تقتضيه تلك الضرورات أما في هيئة سلع مادية في سلة سوق أسر العمال المنتجين أو في هيئة مدفوعات لقسم "النفقات الإضافية" من سلة سوق السلع الاستهلاكية لأسر العمال المنتجين. في ذات الوقت ولنفس السبب يجب تفادي ارتفاع عنصر "النفقات الإضافية" من الربح الإجمالي لناتج السلع المادية بنفس سرعة ارتفاع الربح الإجمالي.ويتضمن هذا بطبيعة الحال متطلبات سلة السوق الاستهلاكية لأسر الفئات الأخرى غير العمال المنتجين.

ولا يمكن تحقيق هذا الأمر دون وجود تقدم تكنولوجي سريع يقابله في القدرات الإنتاجية للعمالة (اقتصاد جهد العمل). بهذا نكون قد حولنا انتباهنا نوعا ما من التركيز عل الجدول الأول في بداية هذا الفصل إلى الجدول الثاني.

هذا يعني في مصطلحات حساب الدخل القومي أنه:

1ـ بشرط توفير معدل أكبر من بدل الأجور الضرورية والمطلوبة ديمغرافياً للتركيبة الأسرية أو ما يعادلها لكل فرد من أفراد الأسرة،

2ـ يجب أن تزداد نسبة S/(C + V) و C/V بنفس الوقت بمعدلات نسبية كما هو محدد في الدالة الرياضية العامة.

3ـ يؤشر هذا إلى زيادة في النسبة المئوية للوظائف في مجال إنتاج السلع الإنتاجية على حساب السلع الاستهلاكية، في صيغة دالة ارتفاع (S' + rC) بحيث تمثل r زيادة القدرات الإنتاجية عن طريق التقدم التكنولوجي (كما وضحنا هذه النقطة في مكان سابق من الكتاب).

4ـ مع ذلك ينبغي تحقيق هذا الأمر برغم مؤثرات التقدم التكنولوجي الذي يستدعي تغييرات معينة في الخصائص الديمغرافية للسكان، وهي تغييرات تظهر في صيغة زيادة مطلوبة في نوعية وكمية السلع الداخلة في سلة السوق لكل فرد من السكان.

إذا نظرنا إلى الشكل رقم 1 سيتطلب ذلك خفضاً موازياً في النسبة المئوية لعنصر العمال المنتجين من مجمل القوة العاملة الموظفين في إنتاج المواد الأولية وتحويل هذه النسبة منهم إلى التوظيف في إنتاج السلع الإنتاجية أو السلع شبه الجاهزة. ويجب دعم ذلك بجهود حثيثة لتقليص وإلغاء صنف "الإهدار" ضمن النفقات الإضافية وكبح نمو الأشكال "المؤسساتية" للنفقات الإضافية وكبح نمو الأقسام الإدارية غير الفعالة الاقتصادية من أشكال النفقات الإضافية.

في ذات الوقت يجب على الحجم المطلق للقوة العاملة أن ينمو. كما يؤدي التقدم التكنولوجي إلى ارتفاعات عديدة في مدى تعقيد تقسيم العمل في عملية إنتاج حاصل السلع المادية والفئات الاقتصادية المرتبطة بها. ينعكس هذا في شكل خفض لمعدل متوسط عمر أفراد القوة العاملة حتى عندما يتم تشجيع ارتفاع معدل العمر ورفع عمر التقاعد. ويتطلب هذا ارتفاعاً في معدل الولادات بطبيعة الحال . لكن هنا تبرز القضية الثانية التي يجب الانتباه إليها وهي ارتفاع معدل عمر التخرج في الفاصل بين 16-25 سنة، الأمر الذي يعني ارتفاع الكلفة الاجتماعية لتطوير وتكوين كل مرشح جديد إلى قوة العمل وهذا بدوره يجعل تحسين معدل التعمير أمراً مرغوباً وأيضاً رفع سن التقاعد الشكلي رفعاً تدريجياً ( يفضل أن يتم ذلك عن طريق توفير فرص عمل اختيارية في فترة ما بعد التقاعد دون إجبار المتقاعدين على التخلي عن حقوقهم التقاعدية التي تم التعاقد عليها من قبل). يجب تحديد تكاليف بدل الأجور أو ما يعادلها على أساس ما تتطلبه سياسة من هذا النوع.

في السياسات الحكومية ترتبط هذه المسألة الأخيرة بقضية السياسات الضريبية. فرضت حكومة الولايات المتحدة في سنوات ما بعد الحرب العالمية خفضاً في معدل الولادات عن طريق السياسات الضريبية. بالذات عن طريق جعل نسب الحسم للأفراد المُعَوِّلين من أسر دافعي الضرائب تنمو بسرعة أقل من سرعة النسبة الفعلية للتضخم وفي ذات الوقت فرض نسبة ضريبة أعلى على نفس كمية الدخل المحسوب بالدولار الثابت [2]

أصبحت الأسر ذات الدخل الناتج عن عمل أفرادها المشتغلين كعمال صناعيين منتجين ماهرين أو شبه ماهرين غير قادرة على المحافظة على نسبة الإنجاب المعتادة. بهذه الصيغة، يمكن اعتبار الملايين من الأمريكان الذين لم يولدوا انهم قد تم تجويعهم إلى الموت فعليا حتى قبل أن يولدوا، وفي حالات أخرى كانوا أجنة في أرحام أمهاتهم (وتم إجهاضها).

علينا أن نأخذ بعين الاعتبار صافي دخل الأجور أو ما يعادلها ليس لكل أسرة على حدة فحسب بل ولكل فرد من أفراد الأسرة. وعلينا أن ننظر أولاً إلى صافي الدخل المتبقي بعد الضريبة لأفراد الأسر الموجودة، وثانيا أن ننظر إلى نفس الأسر في ظروف نسب الإنجاب الطبيعية. إن ما نعنيه بنسبة إنجاب طبيعية "اقتصاديا" تعتمد على الطرق والسياسات المعروضة في هذا القسم من الكتاب وكما عرضناها إلى الآن. هذه الأخيرة تمكننا من تحديد مؤشرات دخل الأسرة الضروري ديموغرافياً.

وكما بينا سابقاً ومن موقع استفادة مختلف نسبياً، يجب أن يكون التوجه العام لإصلاح السياسة الضريبية مصوباً نحو فرض الضرائب على أرباح الربا إلى أن تنقرض هذه الممارسة، بينما يجب تخفيف العبء الضريبي عن كاهل الدخل الأساسي للأسر وتوفير "حوافز" اعتمادات الاستثمار الضريبي للمودعين الذين يوظفون ما يوفرونه في تحسين ناتج السلع المادية. إن أهم ميزة من مميزات دخل الأسرة التي يجب النظر إليها عند تخفيف العبء الضريبي هي زيادة نسبة الحسم المسموح به لكل فرد مُعَوِّل من أفراد الأسرة. أما الكمية الأدنى من الإعفاء الضريبي التي ستوفرها هذه الإجراءات فسيتم تحديدها عن طريق الأخذ بنظر الاعتبار نسبة الولادات المطلوبة كما هو مبين أعلاه.

والآن، وبينما نبقي انتباهنا على الجدول الثاني نلقي نظرة على الجدول الثالث من الجداول المدرجة في بداية الفصل.

بصورة عامة تكون النسبة التي تحقق بها أمة من الأمم عمليات تقدم تكنولوجية هو أداء نشاطها العلمي، أي التوظيف المناسب لعدد اكبر واكثر تطوراً من العلماء والمحترفين في مجال الإنتاج العلمي وتطوير اختراعاتهم وتحويلها إلى أشكال يمكن استخدامها في عملية الإنتاج. إن النسبة التي يتم بها إنتاج التقدم التكنولوجي هي تقريبيا انعكاس لعدد العلماء والاختصاصيين العاملين في حقول "البحث والتطوير" من كل 100,000 عامل منتج موظف. بالنسبة للولايات المتحدة ينبغي أن تكون النسبة المستهدفة حالياً بحدود 5% من مجمل القوة العاملة، وبضمنها العمال الماهرين الموظفين في مساعدة الاختصاصيين.

هذا يقودنا إلى قضية السياسة: ونعني بذلك، كيف تتداخل أنشطة "البحث والتطوير" بصورة سليمة مع عملية الإنتاج؟ لقد وضحنا من قبل أن فائدة التقدم التكنولوجي تتزايد تقريباً بالتناسب مع زيادة الكثافة الرأسمالية. وقد شددنا على أن هذا يحصل عندما يتم تركيز التقدم التكنولوجي على إجراء تحسينات في عملية إنتاج السلع الإنتاجية (أو تحسين معدل إنتاج السلع الإنتاجية ذات النوعية الثابتة). هذا يأخذنا إلى توجيه اهتمامنا إلى المجموعة الثانوية الخاصة من السلع الإنتاجية وهي السلع الإنتاجية المستخدمة في إنتاج السلع الإنتاجية. على وجه العموم يشكل أي قطاع كبير للسلع الإنتاجية الذي يدخل فيه قطاع ثانوي كبير نسبياً لإنتاج الآلات المكنية وبمستوى عالي في دورة رأسمال القطاع الثانوي الأخير ودورة رأس مال عالية نسبياً في القطاع ككل، يشكل مُعامل الارتباط لنسبة أعلى أو اقتصاد اكبر في جهد العمل في اقتصاد المجتمع ككل. هذه هي الأولويات بشكل عام.

ويجب ندرس هذا من ناحية أخرى هي مبدأ التكنولوجيا. يجب على عملية البحث والتطوير أن تهتم بعمليات التقدم في قطاع الآلات المكنية بصورة ثنائية: 1) التطورات التكنولوجية في الآلة المكنية ذاتها. 2) التقدم التكنولوجي الذي ينتقل من هذه الآلة المكنية إلى السلع الإنتاجية التي تصنعها هذه الآلة، وهو تقدم متأصل في التحسين التكنولوجي المتجسد في الآلة المكنية.

لنتخيل على سبيل المثال أية آلة مكنية قياسية حديثة من النوع الذي يستخدم في قطع أو تشكيل أو معاملة السطوح أو غير ذلك. لنقم بإعادة تصميم هذه الآلة المكنية مستخدمين نفس مبادئ التصميم في كل خاصية من خواص الآلة باستثناء إحدى المكونات الداخلية التي تستعيض بالليزر في تنفيذ الوظيفة الأساسية للآلة بدلا من الوسيلة السابقة. إن كل التقدم التكنولوجي لمثل هذه الآلة موجود في التركيبة المدخلة الجديدة بالرغم من أن كل الآلة المكنية بكل أجزائها لا غنى عنها "لتوجيه" ذلك الجزء الداخلي الجديد الذي يكمن التقدم التكنولوجي فيه.

يمكن اكتشاف نفس المبدأ في تقسيم العمل في العملية الإنتاجية ككل. فالسباك أو "مصلح الأنابيب البخارية" الذي لا يستخدم أية ابتكارات جديدة في مجال التكنولوجيا يساهم هو الآخر في نصب عملية متقدمة تكنولوجياً، لأن عمل السباك لا غنى عنه في سير العملية. فنشاط السباك يساهم في نقل التقدم التكنولوجي إلى العملية الإنتاجية ككل. بنفس الصيغة، يقوم الأشخاص الذين أوجدوا مثل هذه الابتكارات أو ساهموا بصورة ما في تحقيقها بشرب حليب الأبقار ويستهلكون الحبوب وغيرها عند الفطور، وبالرغم من أن مكونات الفطور هذه لا تتضمن أية تحولات تكنولوجية جوهرية في تصميم حليب البقر أو الحبوب، إلا أنها ضرورية لوجود واستمرار العملية التي يتم من خلالها نقل التقدم التكنولوجي. لذلك يساهم نشاط الفلاحين وآخرين والمتمثل بإيصال هذه المواد إلى طاولة الفطور في إيصال التحسين التكنولوجي إلى المصنع الذي تخيلنا حدوث هذه العملية فيه. إن المنتجات الصناعية التي تحفز اقتصاد جهد العمل في الزراعة ـ ويقع ضمن ذلك زيادة المحصول الزراعي لكل هكتار من الأرض ـ تمثل تقدماً تكنولوجياً في اقتصاد جهد العمل الزراعي وهي بهذا الشكل تنتقل مجددا إلى القطاع الاقتصادي الصناعي عن طريق اقتصاد جهد العمل الذي ينتقل إلى القطاع الصناعي في صيغة اقتصاد جهد العمل الذي يؤثر في إنتاج المنتجات الزراعية. أي كما بين الكساندر هاملتون في شرح مطول في تقريره المقدم إلى الكونجرس "On the Subject of Manufactures" حوَّل المستوى 2 من العملية الإنتاجية جزءاً من اليد العاملة فيه إلى القطاع الصناعي.

إن ميكانيكي السيارات الذي ينفذ عملية تصليح متماثلة تماماً على سيارتين مختلفتين يساهم أقل أو أكثر (بقيمة اقتصادية) للمجتمع وفقاً للمنفعة التي يمثلها ركاب السيارة التي تم تصليحها. فطالما كان مستخدم السيارة سمسار فاحشة فإن عمل الميكانيكي يكون ذا قيمة اقتصادية سلبية. أما إذا كان مستخدم السيارة شخصاً متواضع الأجر لكنه عامل منتج صناعي غير ماهر لكن مهم فسيكون عمل الميكانيكي في هذه الحالة إيجابيا بقدر كبير جدا نسبيا حسب درجة مساهمة العملية الإنتاجية التي يشارك فيها ذلك العامل في تحقيق تقدم تكنولوجي، أو عن طريق الدور المستقبلي لأفراد أسرته فيما إذا أصبحوا هم أيضاً عمالا منتجين. تنطبق نفس الحالة على الجهد الذي يبذله ميكانيكي السيارات على سيارة تنقل الموظف الثري الذي يحصل على دخله من ممارسة الربا المالي أو ريع الأرض أو المضاربة في السلع، فإن جهده يكون ذو قيمة اقتصادية سلبية كما هي الحال في مثال سمسار الفاحشة الذي ينتمي إلى نفس صنف المرابي أي "النفقات الإضافية". فكل ما تستهلكه أسر أولئك الذين يحصلون على دخلهم من ممارسة الربا أو الدعارة أو المقامرة وما شابه ذلك يتحول إلى قيمة اقتصادية سالبة، بحيث يتحول العمل الذي يستخدم في إنتاج هذه المواد الاستهلاكية إلى قيمة اقتصادية سالبة.

إن أي منتج مادي، مثل الآلة المكنية، يمثل صدى التقسيم الاجتماعي للعمل في المجتمع ككل. فإذا تفحصنا المنتَج في ضوء عمليته الإنتاجية فسنجد انه صدى للتركيبة الديمغرافية للمجتمع كله، أو الخصائص الديمغرافية لذلك المجتمع. يمكن قياس هذه العلاقات رجعياً من المنتج الموجود داخل عملية إنتاجية معينة ككل وإلى السكان والأسر. تبعاً لذلك يكون لنشاط كل فرد في المجتمع أهمية كونية يمكن حسابها ضمنياً لحاضر ومستقبل ذلك المجتمع ككل. وقد تكون القيمة إيجابية أو سلبية أو معدومة، كما أنها تكون إيجابية أو سلبية بدرجات نسبية عظيمة. فوجود المرابين والمقامرين والمجرمين ومروجي المخدرات وغيرهم هو وجود سلبي تجاه المجتمع ككل، ويتناسب هذا مع مقدار الدخل الذين يحصلونه من المجتمع. ويكون لأفراد الأسر المعتمدين على هذا النوع من الدخل نفس القدر من التأثير السلبي كأشخاص في تاريخ البشرية جمعاء حاضراً ومستقبلاً. وتنطبق نفس القاعدة على الأشخاص الذين تتميز نشاطاتهم الاجتماعية بالنميمة والكذب والغش هبوطاً إلى مستوى الأشخاص من نوع "يهوذا" الخائن. فكل واحد منا هو إنسان ذو أهمية كونية سواء للأحسن أو للأسوأ.

علينا ابتداء من نشاطات البحث العلمي ومروراً بالعملية الإنتاجية أن نتتبع خطوة بعد خطوة التغير الموضعي الحاصل في التكنولوجيا الداخلة في المنتَج وتطبيقات ذلك المنتَج التي تعكس ذلك التغيير التكنولوجي. فالآلة المكنية التي أصبح ذلك التغيير التكنولوجي صفة من الصفات الراسخة فيها يجب أن يتم تصميمها حتى تقوم بنقل التأثير الناتج عن ذلك التغيير في صيغة تحسين تكنولوجيا في السلع الإنتاجية المصنعة، كما يكون التعريف والتحليل الرياضي للتكنولوجيا هو نفسه للسلعة الإنتاجية المصنعة بمساعدة الآلة المكنية المحسنة تكنولوجياً وللآلة المكنية ذاتها. ويجب تطبيق نفس التحليل على وظيفة السلعة الإنتاجية في عملية الإنتاج بصورة أكثر تعميماً. إن العلاقة بين هذا التقدم التكنولوجي (الذي تتبعنا عملية انتقاله بهذا الشكل) و بين تحسين اقتصاد جهد العمل في المجتمع ككل تكمل الدائرة. بهذه الطريقة يكون للتقدم التكنولوجي القابل للقياس ـ أي الذي يتم قياسه وفقاً للتعريف الذي طوره غاوس وريمان من تعريف لايبنتز للتكنولوجيا (مبدأ الجهد الأقل) ـ يكون له ارتباط عِلّي قابل للقياس بما ينتج من ارتفاع في معدل القدرة الإنتاجية لليد العاملة ومعدل النمو الاقتصادي.

هذا هو جوهر طريقة لاروش-ريمان

هذا يعني أن تكون الخصائص الديمغرافية للأسر والتغيرات الحاصلة في تركيبة تقسيم العمل تغيرات متوافقة مع الدرجة النسبية من التطور "الانتروبي السالب" أو الانتروبي للعملية الإنتاجية الاجتماعية بالضرورة. إن التعقيد المتزايد المطلوب في التقسيم الاجتماعي للعمل بواسطة التقدم التكنولوجي يجب أن ينظر إليه باعتباره زيادة في أنواع الحالات المتفردة singularities في عملية التطوير الذاتي الانتروبي السالب للعملية الإنتاجية.

وكنتيجة طبيعية لهذا الأمر ستمثل التحولات التي تطرأ في تركيبة النشاطات داخل المجتمع تغيراً تصاعديا أو تنازلياً في الاقتصاد عندما تتناسب التحولات في التركيبة الاجتماعية مع التغيرات الانتروبية السالبة أو الانتروبية في التركيبة الاجتماعية. فعن طريق توقع التغيرات التي ستطرأ في تركيبة الوظائف والدخل نتيجة تبني سياسة معينة في الضرائب والاعتمادات وما إلى ذلك، سيكون بمقدورنا أن نقرر إن كانت تلك السياسة نافعة أم ضارة في جوهرها.

إن مهمتنا اليوم ـ بالنسبة للولايات المتحدة على سبيل المثال ـ هي اكتشاف أية تركيبة اجتماعية لنشاطات أفراد الأسر ستنجم عن تبني نوع ما من أنواع سياسة "الدافع العلمي" كما هو محدد هنا.

1) توظيف 5% من إجمالي القوة العاملة في مجال البحث العلمي والتطوير مركزين هذه الوظائف في عملية إتقان: أ) الدمج الحراري النووي الموجه وما يتعلق به من قضايا في مجال البلازما المنظمة ذات كثافة تدفق طاقة عالية جداً: ب) الإشعاع المتماسك ذو كثافة تدفق طاقة شديدة الفاعلية ويدخل ضمن ذلك أشعة الليزر و "حزم الجسيمات": ج) مبدأ العمليات الحية المحضة، إي إحداث ثورة جذرية في علم الأحياء مؤدية إلى إعادة تنظيم تعريف علم الكيمياء. إن العمل في جميع مجالات البحث والتطوير يجب أن يعكس تقدما في التكنولوجيا وأيضاً في المبادئ الأساسية لكل المعرفة العلمية المتحققة في المجالات الثلاثة المذكورة.

2) استهداف رفع معدل العمال المنتجين إلى 50% من مجمل القوة العاملة بأكبر سرعة ممكنة. يجب أن يؤدي هذا إلى زيادة نوعية وكمية سلة سوق السلع الاستهلاكية لكل فرد من السكان دون زيادة نسبة شريحة العمال المنتجين الموظفين في إنتاج سلة السوق هذه. يجب أن يكون القسم الأعظم من توسيع وظائف العمال المنتجين مركزاً على إنتاج السلع الإنتاجية مع زيادة نسبية كبيرة في مستوى إنتاج الآلات المكنية من مجمل إنتاج السلع الإنتاجية في قطاع السلع الإنتاجية ككل. يجب أن يميل الإنتاج في المستوى رقم 2 (في الجدول) إلى التناقص كنسبة مئوية من عنصر العمال المنتجين من اليد العاملة الموظفة.

3) يجب أن تركز سياسة الأجور، وبضمنها السياسة الضريبية، على تحفيز التغيرات المطلوبة في الخصائص الديموغرافية للسكان كما هو مبين أعلاه. هذا يتضمن بدل أجور مثل إصلاح التعليم انتشار المكتبات والمتاحف وأشكال النشاطات الثقافية اليومية المتناسقة مع برنامج تربوي كلاسيكي من النوع الذي نظمه همبولت.

4) يجب تحفيز رفع نسبة صادرات السلع الإنتاجية إلى "الدول النامية" وغيرها من العملاء الأجانب. وينبغي النظر إلى هذا الأمر باعتباره مساهمة في اقتصاد جهد العمل في إنتاج السلع التي نستوردها من الخارج، وباعتباره يشكل حافزاً لنسبة عالية من النمو وحركة رأسمال أكبر في قطاع صناعة الآلات المكنية والسلع الإنتاجية ككل عندنا. فكلما ارتفع معدل حركة رأس المال في إنتاج السلع الإنتاجية (خاصة عندما يكون أكثر من 5% من القوة العاملة موظفاً كما هو مبين في النقطة 1 أعلاه) كلما ازداد معدل التقدم التكنولوجي في اقتصاد الولايات المتحدة. فارتفاع هامش حجم الأعمال المتحقق من صادرات السلع الإنتاجية يرفع معدل استيعاب التقدم التكنولوجي في جميع أصناف السلع الإنتاجية المصنعة للاستخدام محلياً ودولياً.


الهوامش

[1] في يومي 15-16 أغسطس عام 1971 والأيام التي تلتهما أسس الرئيس رتشارد نكسون Richard Nixon برنامجاً باعه له فريق تحت قيادة وزير الخزانة (المالية) جون كونالي John Connally. وكان الترويج للبرنامج قد تم من خلال نائب وزير المالية بول فولكر Paul A. Volcker (تقلد فيما بعد منصب رئيس بنك الاحتياط الفدرالي من عام 1979) ونال دعم أعضاء الكونغرس الديمقراطيين الليبراليين المسؤولين عن الشؤون المالية. وتم استخدام وزارة الخارجية كقناة لخلق وسيلة ضغط وابتزاز لحشد الدعم وراء هذه السياسة). تميزت قرارات نكسون في تلك الفترة بميزتين: 1) قام بتدمير نظام "احتياطي الذهب" النقدي العالمي وأغرق العالم في لولب تضخمي من العملات "العائمة"، وهو السبب وراء أزمة الديون العالمية الحالية. 2) بدأ بعملية خفض شاملة لكل من صافي أجور الأسر (بواسطة برامج التقشف المرحلية في عامي 1971 و 1972) ونسبة الاستثمارات في إنتاج السلع الإنتاجية. وقد تفاقمت هذه المؤثرات بشكل مخيف بسبب أزمة النفط في عامي 1973-1974، وهي الأزمة التي وقعت بصورة رئيسية نتيجة للعمليات التي قام بها هنري كيسنجر في الشرق الأوسط.

[2] أصبح هذا معروفا لدى الاقتصاديين وغيرهم باسم "ربح الضريبة التضخمية" inflationary tax dividend. يؤدي التضخم إلى جعل قيمة حسم الضريبة لكل معول في الأسرة أقل قيمة بالدولار الثابت، الأمر الذي يعني أن قسماً أكبر من دخل الأسرة تفرض عليه الضريبة. ولكن عندما يفرض على الأسرة أن ترفع من أجورها النقدية حتى تتمكن من مجاراة التضخم تقع هذه الأسرة دافعة الضرائب في شريحة ضريبية أعلى مستوى، لذلك يتم سنة بعد سنة فرض ضريبة أعلى على دافع الضرائب بالرغم من أنه يحصل على نفس الدخل بالدولار الثابت وترتفع النسبة الإجمالية لذلك الجزء من دخل الأسرة الذي يتم استقطاع الضريبة منه. بهذا يؤدي التضخم آلياً إلى رفع تلك النسبة من دخل الأسرة الذي يتم استقطاع الضريبة منه بمعدلات مستمرة ومتزايدة: أي "ربح الضريبة التضخمية"!


{{{نهاية الفصل الثامن}}}





Citizens Electoral Council © 2016
Best viewed at 1024x768.
Please provide technical feedback to webadmin@cecaust.com.au
All electoral content is authorised by National Secretary, Craig Isherwood, 595 Sydney Rd, Coburg VIC 3058.