Home

A federally-registered independent political party

Follow the CEC on Facebook Follow @cecaustralia on Twitter Follow the CEC on Google +


Follow the CEC on Soundcloud












أتريد أن تتعلم كل شيء عن علم الاقتصاد؟الفصل الثاني

أتريد أن تتعلم كل شيء عن علم الاقتصاد؟
So, You Wish to Learn all about Economics?
كتاب في علم الاقتصاد الرياضي الابتدائي
تأليف: ليندون هـ. لاروش
Lyndon H. LaRouche


ترجمة: حسين العسكري
Translated by: Hussein Askary


صَدَرَت الطبعة الانجليزية عام 1995 عن:
EIR News Service, Inc
Washington, D.C




الفصل الثاني

الكثافة السكانية النسبية المحتملة

Potential Relative Population-Density



كان هنري كاري مصيباً في إصراره [1]

على أن المقياس الصحيح لقيمة النشاط الإنتاجي البشري هو ازدياد الاقتصاد في جهد العمل بمساعدة التقدم التكنولوجي ("توفير جهد العمل"). وكان هذا هو المبدأ الأساسي عند وزير الخزانة الأميركي اليكساندر هاملتون حين كتابته "حول موضوع الصناعات" في ديسمبر 1791. وهو كذلك المبدأ الذي تتقاسمه جميع الشخصيات البارزة في النظام الأميركي للاقتصاد السياسي، كما كان الأمر بالنسبة للايبنتز. وهو التعريف الوحيد للقيمة الاقتصادية الذي يتطابق ضمنياً مع الأوامر الموجهة إلى البشر التي اقتبسناها من كتاب سفر التكوين.

وسوف نجيب في الموقع المناسب من هذا الكتاب كلما تقدمنا في فصوله على السؤال الذي يطرح نفسه علينا؛ لماذا تكون الحقيقة بالضرورة متطابقةً، كما هو مبرهن كلياً، مع ما ذكرناه أعلاه. أما للحظة الحاضرة فيكفي أن نشير إلى أن بدون الاقتصاد في جهد العمل لا يمكن أن يحدث أي نمو في نسبة الناتج لكل فرد، أو الاستهلاك في المجتمع، أي لا يحدث تقدم اقتصادي. ولولا التقدم الاقتصادي لكان المجتمع البشري لا يزال في ما يسمى بمرحلة الصيد والالتقاط من الوجود.

في ذلك الضرب من الوجود تكون مساحة الأرض الصالحة للسكن المطلوبة لتوفير الغذاء الكافي لإعالة فرد واحد عشرة كيلومترات مربعة تقريباً. ويشير هذا إلى أن العدد الأقصى لسكان كوكبنا في هذه الحالة لن يبلغ إلا عشرة ملايين شخص .[2]

أما معدل متوسط العمر المتوقع لكل شخص يعيش في ذلك النمط من الحياة فسيكون اقل من عشرين سنة على الأغلب، وهذا الأمر يشير إلى أن غالبية السكان ستكون مؤلفة من أطفال دون سن المراهقة.

ومعروف أن السكان الأصليين الذين واجههم المستعمرون في شمال أمريكا يتم تصنيفهم من قبل علماء الأنثروبولوجيا (علم اصل الإنسان) على انهم "صيادون وملتقطون" على العموم، ولكن حتى افضل حضارة لمجتمعات الصيد والالتقاط، مثل الهنود الحفارين، قد ثبت أنها لا تتجاوز كونها قد انحطت إلى تلك الحال من حضارة ذات مستوى أسمى. لقد كانت جميع الحضارات الهندية مجرد بقايا أصابها الانحطاط خلّفتها حضاراتٌ متقدمة نسبيا وجدت قبل سنة 1000 قبل الميلاد، كما كانت بعض تلك الحضارات خليطاً امتزج مع مستعمرات اسكندنافية وايرلندية ومستعمرات صيادي السمك البرتغاليين. ووجدت بعض تلك المستعمرات مئات من السنين قبل أن يهتدي كريستوفر كولومبس باستخدام الخرائط التي تم تجميعها في فلورنسة في عام 1439 ميلادية، إلى نفس المسار الذي تصفه اوديسة هوميروس على انه الطريق الذي سلكه اوليسيس الأسطوري في رحلته حوالي عام 1000 ق م إلى الأقاليم الكاريبية [3]

وتكون الظروف المعيشية البشرية في مجتمع صيد والتقاط حقيقي ،[4]

أي مجتمع لم يرث شيئاً من التكنولوجيا المتقدمة من حضارات سبقته، سيئة إلى درجة لا يقوى معها الإنسان على منافسة القرود التي تتمتع بقوة وسرعة اكبر. فلولا مبدأ التقدم في الاقتصاد في جهد العمل لكان عدد البشر اليوم لا يتجاوز العشرة ملايين نسمة تقريباً أو اقل يعيشون في ظروف بائسة.

أما في اللحظة الراهنة، وحتى موقع قادم من الكتاب، فإننا سنتجاوز البرهنة على أن البشرية اليوم ليس بمقدورها أن تستمر في البقاء بدون استمرار التطور التكنولوجي. وسيقتصر شرحنا هنا على إبراز البراهين الأكثر وضوحاً التي تفيد أن التطور البشري في جميع مجالاته يكون مستحيلاً بدون استمرار تحسين اقتصاد العمل عن طريق التقدم التكنولوجي.

وبات مفهوماً أن زيادة سلطان الإنسان على الطبيعة يمكن قياسه بكل سهولة باعتباره تقليص مساحة الأرض ـ الصالحة لمعيشة ـ المطلوبة لإعالة معدل فرد واحد. وهكذا يمكن قياس اقتصاد العمل بطريقة ذات أقصى فاعلية، حيث يمكن استخدام هذا القياس في جميع أشكال المجتمعات بدون اعتبار للتمايز الكبير بينها في الثقافة المحلية والبنى الاجتماعية عموماً.

والاسم لهذا المقياس في التقدير الأولي هو الكثافة السكانية. فإذا ما وضعنا في تقديراتنا مستوىً ما من التكنولوجيا التي يستخدمها مجتمع ما، فيا ترى كم فرداً يمكن إعالته (إيجاد الغذاء الكافي له) من كل كيلومتر مربع بواسطة عمل المجتمع لا غير.

مع ذلك، وقبل أن نشرع بإجراء القياسات علينا أن نقوم ببعض التعديلات على تعريفنا للكثافة السكانية.

أولاً، تتنوع الأراضي نوعياً في ملاءمتها للمعيشة البشرية. وهذا التنوع ذو ثلاثة وجوه. فتبعاً للمستوى التكنولوجي لأية حضارة تتنوع قطع الأرض المختلفة في نوعية ملاءمتها وخصوبتها للمعيشة البشرية والاستخدامات الأخرى. مع ذلك فلا تترك الممارسات المعيشية البشرية الأرضَ في حالة ثابتة على الدوام. إذ تسوء نوعية وملائمة الأرض للمعيشة تدريجياً بسبب تأثيرات النضوب؛ ويتم في نفس الوقت تحسين نوعية الأرض بوسائل كثيرة منها الري والتسميد وغير ذلك. وأخيراً، فإن التغيير في التكنولوجيا هو تغيير نوعي في أحوال الأرض الأكثر مناسبة للمعيشة البشرية. لذلك يجب الأخذ بعين الاعتبار هذه الأصناف الثلاثة من التنوعات حين نقارن "صلاحية" كل كيلومتر مربع من الأرض للمعيشة الإنسانية بكيلومتر مربع آخر. فالاعتبارات الثلاثة تعرّف النوعية المتغيرة للأرض بأنها قيمة نسبية لكيلومتر مربع واحد.

فبدلاً من أن نقيس كيلومتر مربع بسيط علينا أن نقيس كيلومتر مربع نسبي، وتبعاً لذلك فان علينا أن نقيس الكثافة السكانية النسبية.

ثانياً، يكون هناك فرق كبير عادة بين عدد السكان الذي بالإمكان إعالته باستخدام مستويات التكنولوجيا المتوفرة، وبين العدد الحالي الفعلي من السكان. لذا فإننا نقيس أول هذين عند مقارنتنا بين المستويات المختلفة للتطور التكنولوجي للحضارات. ويجب أن نقيس عدد السكان الكامن، تبعا للتعريف هذا.

يجب أن نقيس الكثافة السكانية النسبية المحتملة. هذا هو القياس التقريبي لتفوق مستوى ما من الحضارة على آخر. هذا مقياس التقدم الاقتصادي؛ إذ هو مقياس اقتصاد العمل.

علينا الآن أن نسير خطوة ثانية قدماً. ولأسباب سنستعرضها لاحقاً في كتابنا هذا، فان الكمية التي يجب أن نقيسها هي نسبة الزيادة في الكثافة السكانية النسبية المحتملة. إذ تقيس هذه الكمية نسبة الاقتصاد في جهد العمل، النسبة التي تتم عندها زيادة الطاقات الإنتاجية للعمالة. ولأسباب سنبرهن عليها لاحقاً في هذا الكتاب، تكون هذه القاعدة هي القاعدة العلمية الوحيدة لقياس القيمة الاقتصادية. فمقياس القيمة الاقتصادية هو نسبة الزيادة في الكثافة السكانية النسبية المحتملة مقارنةً بالكثافة السكانية النسبية المحتملة الحالية.

أما في المفهوم الرياضي فيكون لمثل هذا القياس للقيمة الاقتصادية معنىً مضبوطاً في لغة الدالات ذات المتغير المركب. ويمكن فهم وتعريف هذه النقطة على احسن وجه عن طريق فهم النظرية العامة للدالات ذات المتغير المركب من نفس وجهة النظر التي بدأ منها كارل غاوس في تفصيله موضوع توليد الدالات الإهليلجية .

أنجز غاوس ذلك باستخدامه الهندسة التركيبية؛ أي الهندسة التركيبية ذات البناءات المخروطية اللولبية اللوغارثمية. ومن موقع الاستفادة هذا يمكن لطالب مدرسة ثانوية يجيد القراءة والكتابة أن يتعلم بإتقان الأهمية الانطولوجية لوظائف المتغير المركب، وتتلاشى حينئذ جميع الخرافات التي ترتبط عادة بمصطلح "الأعداد المتخيلة". أما المعضلات الأساسية التي تركها كل من كارل غاوس وكذلك لوجوندر وابيل وكارل جاكوبي (1804ـ 1851)، بدون حل في أعمالهم عن الوظائف الإهليلجية فقد تم حلها ضمنياً بواسطة ما أبدعه بيرنارد ريمان واصبح معروفاً تحت اسم "مبدأ ديريشليت". وحقق ريمان، بتطبيقه مبدأ ديريشليت على عمل غاوس ولوجوندر وآخرين، حقق شكلاً عاماً للحل لإتقان مثل هذه المفاهيم. ومن هنا يأتي منهج لاروش ـ ريمان الذي هو عملية ربط منهج ريمان بالاكتشافات التي قام بها لاروش.

ومعروف أن محاولة إتقان هذه المواضيع باستخدام جبر استدلالي مبني على أساس حساب بديهي لهو عمل مضنٍ ومخيف حتى بين العديدين في أوساط الرياضيين المحترفين. أما إذا استخدمنا، عوضاً عن ذلك، الطريقة الهندسية التركيبية الصحيحة فان جميع أسباب الغموض ستتلاشى إلى درجة يمكن معها لطالب مدرسة ثانوية أن يتقن مبادئها. لذلك ينبغي أن لا ينتاب قارئ هذا الكتاب الخوف جراء تنبيهنا إلى طبيعة المفاهيم التي سنتجه إليها في بحثنا.

ليس بين العامة من الناس من شخص عاقل قادر على أن يجادل صادقاً بان مثل هذا التقدم ليس مفيداً. ويجب أن يكون واضحاً للجميع بان محاولة إعادة المجتمع البشري إلى نمط الصيد والالتقاط من الحياة ـ مثلما يطالب بذلك اليوم ثلة من بين اشد "دعاة حماية البيئة" راديكاليةً ـ ستجبرنا على أن نمسح أربع مليارات ونصف المليار من النسب الحالية من البشر من الوجود، وستكون هذه اكثر عملية قتل جماعي وحشيةً في التأريخ المعروف للإنسان. فإذا تمت محاولة العودة هذه إلى مستويات حضارية ذات تكنولوجيا أدنى من الموجودة فإن عملية القتل الجماعي التي ستنجم عن ذلك ستحدث بصورة أساسية عن طريق موجات من المجاعات والأوبئة المترابطة، التي تعتبر الطريقة الأكثر فاعلية في القتل الجماعي.

إن عملية إبادة جماعية كهذه (genocide، حسب المذهب الذي قدمه القاضي الأميركي روبرت جاكسون في محاكمات نورمبيرغ) يمكن إنجازه ببساطة عن طريق تبني سياسة "المجتمع ما بعد الصناعي" عالمياً لفترة من الزمن تتراوح ما بين أربعة وخمسة عقود. إذ سيؤدي انهيار القدرة الإنتاجية للعمالة، إذا قسناها كناتج السلع المادية، إلى تخفيض الكثافة السكانية النسبية المحتملة إلى مستويات أدنى بكثير من المستوى الحالي. وبعد خمسين عاماً من تطبيق هذه السياسة ستنخفض الإمكانيات المحتملة إلى مستويات يكون فيها عدد السكان حوالي مليار نسمة. وليس بعيداً عن الاحتمال أن يؤدي تخفيض الإمكانيات المناعية عند الأمم الأكثر تأثرا بتلك السياسات إلى انفجار واسع النطاق لأنواع قديمة وجديدة من الأمراض الوبائية والآفات إلى درجة تكون كافية لإزالة العنصر البشري كلياً من وجه هذا الكوكب. فليس في الفكر البيئوي ـ بالصورة التي يتم التبشير بها اليوم ـ من خير يمكن ذكره.

بعد أن أزحنا جانباً جميع المقترحات الإجرامية لتخفيض المستوى التكنولوجي للحضارة، يبقى عندنا سؤال واحد وهو؛ هل يمكن إيقاف التقدم التكنولوجي عند مستويات التطور الحالية؟ أو بمعنى آخر؛ هل أن استمرار التطور التكنولوجي أمر لامناص منه لاستمرار الوجود البشري، إضافة إلى انه، ببساطة، مفيد في نفس الوقت؟ سوف نأتي في كتابنا هذا إلى النقطة التي نبرهن فيها أن "نعم" هي الجواب القاطع لهذا السؤال. إن التطور التكنولوجي أمر لا بد منه لاستمرار الوجود البشري على هذا الكوكب. وسيتم اكتشاف نفس البرهان من زاوية اكثر تطوراً في مراحل قادمة من هذا الكتاب.

سنتجه الآن إلى تطبيق مفهوم الكثافة السكانية النسبية المحتملة على الاقتصاديات الموجودة حالياً. ونبدأ باستخدام تقدير ذي طبيعة تخمينية لكنه صائب من ناحية المبدأ. لذلك سنبدأ بتسليط الضوء على بعض المفاهيم الأساسية لعلم الاقتصاد التطبيقي ونستمر في السير من تلك النقطة إلى اختبار لاحق لنفس المفاهيم بصورة اكثر دقة وعمقاً.

لغرض الاختبار الأولى لأي اقتصاد، ابدأ بمعاملة أي اقتصاد قومي واسع النطاق معتبراً جميع نشاطاته نشاطات شركة صناعية ـ زراعية موحدة. أما جميع العمال المشتغلين سواء في إنتاج زراعي و صناعي أو في بناء وصيانة وتشغيل البنية التحتية الأساسية الضرورية للإنتاج الزراعي والصناعي للسلع المادية فيجب معاملتهم على انهم عمالة منتجة. أما جميع الأصناف الأخرى من العمالة والبطالة فتقع في باب النفقات الإضافية للشركة الصناعية ـ الزراعية المتحدة. وتتضمن النفقات الإضافية الإدارة والخدمات وتكاليف البيع والنفقات وأنواع أخرى من المخلفات، بضمنها البطالة.

ونتابع الدورة الإنتاجية لمحصول السلع المادية للشركة الزراعية ـ الصناعية رجعياً في سبيل الحصول على أقصى درجة من الفائدة في البحث؛ إذ نبدأ بالسلع النهائية مروراً بالسلع شبه المصنعة وانتهاءً بالمواد الأولية الخام. وتصنف السلع الجاهزة إلى " سلتي سوق" اثنتين رئيسيتين: "سلال سوق" السلع الإنتاجية و "سلال سوق" السلع المنزلية الاستهلاكية. ونتابع تدفق السلع شبه الجاهزة والمواد الأولية الخام رجعياً إلى كل مجموعة من "سلال السوق". ونقسم "سلال السوق" إلى مجموعتين ثانويتين عامتين لكل منهما:

أ - السلع الإنتاجية المُستَهلَكة لإنتاج حاصل السلع المادية مضافاً إليها بناء وصيانة وتشغيل البنى التحتية الاقتصادية الأساسية.

ب - السلع الإنتاجية المُستَهلَكة كمواد مطلوبة لنشاطات النفقات الإضافية.

ج - السلع الاستهلاكية التي تحتاجها أسر العمال المنتجين الموظفين.

د - السلع الاستهلاكية التي تحتاجها أسر أولئك الذين يقع عملهم في باب النفقات الإضافية.

ونقيس سلال السوق هذه على أساس تقسيمها على كل فرد من السكان ( أ ) كل فرد من السكان ككل، (ب) لكل فرد من القوى العاملة ككل، (ج) لكل فرد من نسبة العمال الإنتاجيين ضمن اليد العاملة. ونعرِّف المقاييس هذه لكل فرد على أساس الاستهلاك وأيضا على أساس إنتاج مكونات سلال السوق. ويمكن وصف ما سبق على انه طريقة قياس علاقات الطاقة المدخلة (من وسائل الإنتاج) والمنتج ضمن عملية اقتصادية مغلقة ككل.

إن هذه الطريقة كفيلة باستجلاء الأخطار التي يمكن أن تلحق بالمجتمع والكامنة في سياسة "النمو التكنولوجي عند درجة الصفر" .

في أي مستوى تكنولوجي كان، تمثل بعض جوانب الطبيعة التي يتدخل الإنسان في تغييرها "الموارد الطبيعية" الرئيسية التي يعتمد عليها إنتاج المواد الأولية الخام. ففي حالة كهذه يتطلب إنتاج المواد الأولية الخام المطلوبة للإنتاج في سبيل ملءِ سلال السوق إلى المستويات المبتغاة تخصيص نسبة مئوية معينة من إجمالي اليد العاملة للعمل في إنتاج المواد الأولية الخام. وكذلك فان علينا أن نلاحظ أن هذا التخصيص يجب قياسه كنسبة مئوية من العناصر الموظفة من إجمالي اليد العاملة.

وإذا أصاب النضوب قسما أنواع الموارد الطبيعية التي يتطلبها هذا المستوى التكنولوجي للحضارة فان على المجتمع أن يركن إلى استخدام أنواع من الموارد الطبيعية أفقر نوعية وأشد ندرة. ويؤدي هذا الأمر إلى أن تزداد كلفة العمل لكل وحدة واحدة من المواد الأولية الخام يتم إنتاجها. وهذا سيؤدي أيضا إلى أن تزداد النسبة المئوية من اليد العاملة المطلوبة لإنتاج المواد الأولية. فتكون عاقبة ذلك أن يتضاءل الإنتاج إذ تتقلص نواحي الإنتاج الأخرى؛ تبعا لذلك تكون محتويات سلة السوق قد تناقصت. وهذا يمثل خفضاً للكثافة السكانية النسبية المحتملة.

فإذا وصل هذا الخفض في القدرة الكامنة إلى تحت المستويات الحالية للسكان فان المجتمع ذاته يدخل في لولب انهيار لا يختلف عن ذاك الذي أصاب إيطاليا تحت حكم الإمبراطورية الرومانية (روما) الذي نتج عن تأثير مزدوج لسياسات تطور تكنولوجي عند درجة الصفر في الاقتصاد وبضمنه إزاحة الفلاحين الأحرار الإيطاليين ذوي الإنتاجية العالية ليحل محلهم السخرة العبيد الذين كانوا مملوكين لملاك الأراضي الأرستقراطيين وكان إنتاجهم هامشياً. نتيجة لهذه العملية تضاءل عدد السكان تدريجياً في إيطاليا، وكان ذلك أحد أسباب الهيجان السياسي الذي رافق الإصلاحات الفلامينية (Flaminian) وحركات العصيان الجراكية (Gracchian) الفاشلة. واستمرت الإمبراطورية الرومانية في البقاء بعد ذلك بالاعتماد على الاتاوات (بضمنها إيرادات الحبوب) التي كانت تجلب إلى إيطاليا عن طريق إخضاع الشعوب الأخرى. وعندما تدهورت مساحات شاسعة من الأراضي التي أُخِذت بالغزو بصورة مشابهة لما وقع في إيطاليا نتيجة لنفس السياسات، انهارت الإمبراطورية الرومانية داخلياً. أما في العصور الحديثة فان نسبة الانهيار الذي يمكن أن تخلفه مثل هذه السياسات تتسارع بشدة مقارنة بالحالة الرومانية لان الاعتماد النسبي على التكنولوجيا لإعالة المستويات الحالية من السكان اعظم بكثير. وتوجد عوامل أخرى لا يمكن إدراجها هنا لان ذلك سيكون من باب الاستطراد. لكن المهم هو أن النقطة العامة في هذا المضمار قد تم إيضاحها بما فيه الكفاية.

ويمكن مقاومة مؤثرات النضوب هذه، أو حتى التغلب عليها بنجاح، بواسطة التقدم التكنولوجي. ولتأثير التقدم التكنولوجي هذا ناحيتين. أولاهما، ببساطة هي أن تطور القدرات الإنتاجية للعمالة سيعوض عن الارتفاع في معدل كلفة سلة السوق. إذ يسمح اقتصاد العمل بإنجاز نفس كمية العمل باستخدام جهد بشري اقل، وبتخصيص نسبة اقل من اليد العاملة لمعدل إنتاج المنتجات المادية. فإن كان التقدم التكنولوجي سريعا بصورة كافية فان الاقتصاد سينمو بنجاح بالرغم من نضوب أنواع معينة من الموارد الطبيعية المطلوبة. وبنفس الطريقة فان تخصيص جزء من اليد العاملة المتوفرة الناتجة عن التقدم التكنولوجي لتحسين البنى التحتية سيؤدي إلى رفع النوعية النسبية للأرض للسكن والاستخدامات الأخرى للأرض من قبل المجتمع: الري والنقل وهكذا دواليك.

ثانياً، ما يمكن أن تسمى بإنصاف "ثورات تكنولوجية" تؤدي إلى تغيير نطاق الموارد الطبيعية المطلوبة. وخير مثال على ذلك هي "الثورة الزراعية". فاستخدام الطاقة الحيوانية واستخدام طاقة المياه وطاقة الرياح والثورة الصناعية التي اعتمدت المكائن المشتغلة بالطاقة الحرارية ما هي إلا أمثلة أخرى: ثورة الكهرباء مثال آخر. إن جعل نمو الحياة النباتية في مساحات من الأراضي مقتصراً على فصائل النباتات ذات الفائدة للبشر، وبتحسين فصائل النباتات المزروعة، سيؤدي إلى أن تتركز كمية الإشعاع الشمسي المحدودة الساقطة على الأرض (0,2 كيلوواط لكل متر مربع) لصالح الإنسان، كما ويتم تحسين النوعية النسبية للأراضي تحسيناً عظيماً. وهذا سيعني أن تزداد الكثافة السكانية النسبية المحتملة زيادة عظيمة. أن المعالم الأساسية للثورة التكنولوجية الناجحة اليوم هي جعل كلفة إنتاج وإيصال الطاقة القابلة للاستخدام، وفي ذات الوقت زيادة كثافة تدفق الطاقة وتماسك تلك الإمدادات من الطاقة: إن مثل هذه الطرق يجعل استخدام الخامات ذات النوعية الرديئة رخيصاً كما كانت عليه الحال سابقاً مع الخامات ذات الجودة العالية جداً فقط، على سبيل المثال.

لهذه الأسباب نستطيع أن نبرهن أن التقدم التكنولوجي ليس ذو فائدة وحسب بل ضرورة لابد منها أيضا من اجل استمرار الوجود البشري. ولا تكون من المجتمعات من هي مؤهلة للبقاء والازدهار إلاّ تلك التي تلزمها ثقافتها بانتهاج التقدم التكنولوجي الناجح كسياسة تطبيقية إلزاماً. حقاً إن مجتمعات كهذه فقط مؤهلة أخلاقيا للبقاء، على عكس ما كان عليه المجتمع الذي بني على أساس قوانين وثقافة روما.

وبتقدم البشرية في مجال التطبيقات التكنولوجية تزداد كمية الطاقة التي يستخدمها المجتمع في كل من النسبتين: لكل فرد ولكل كيلو متر مربع. وبصورة عامة يكون بمقدورنا اختزال هذه الحالة في هيئة دالة رياضية واحدة عن طريق إقامة علاقة تبادلية ما بين الطاقة لكل كيلومتر مربع والكثافة السكانية النسبية المحتملة؛ وهي دالة تمثل ارتفاع كمية الطاقة (القابلة للاستخدام) لكل كيلومتر مربع عندما تزداد الكثافة السكانية النسبية المحتملة. إن هذه الدالة ليست دالة دقيقة كل الدقة بعد لكنها تقريب مفيد للدالة المطلوبة.

وكما نوهنا مؤخرا أعلاه، تنقسم الزيادة في ناتج الطاقة تاريخيا إلى مرحلتين عامتين تقريباً. يقع التركيز في المرحلة الأولى على زيادة فاعلية عملية أسر الطاقة الشمسية. فالثورة الزراعية واستخدام طاقة المياه واستخدام طاقة طواحين الهواء هي أمثلة لهذا الاستخدام غير المباشر لمصادر الطاقة غير المباشرة للإشعاع الشمسي (بصورة أساسية). أما المرحلة الثانية فتتمثل في تحول تدريجي نحو التركيز على استخدام المصادر غير الشمسية: مثل الوقود الاحفوري وطاقة الانشطار والدمج الحراري النووي.

إن الطاقة الشمسية مصدر محدود وفي النهاية مصدر فقير للطاقة إذا أخذنا بنظر الاعتبار المستويات الحالية من الكثافة السكانية النسبية المحتملة. لقد ذكرنا أن معدل الإشعاع الشمسي الذي يضرب سطح كوكب الأرض لا يتجاوز 0,2 كيلوواط لكل متر مربع. إن الجدولين 1 و2 قد تم تجميعهما وتنسيقهما من قبل Fusion Energy Foundation (مؤسسة طاقة الدمج) خلال عام 1979. وبالرغم من أن الأسعار الموجودة في الجدول رقم 2 قد فات أوانها، إلا أن القيم النسبية لتلك الأسعار ذات دلالة كبيرة اليوم أيضا.

ولابد من التأكيد على أن طاقة المياه وطاقة الرياح ومصادر الطاقة النباتية والحيوانية ما هي إلا أشكال من عملية أسر الطاقة الشمسية. إن المتوفر من تلك الطاقة على سطح الأرض كما شددنا هو 0,2 كيلوواط لكل متر مربع. وعلى بعد 8 ملايين كيلومتر من الشمس لا ترتفع كثافة تدفق الطاقة إلى أكثر من 1,4 كيلووات لكل متر مربع. وكطاقة قابلة للاحتراق يتم أسرها في الكتلة الحيوية (biomass) لا يتجاوز إنتاج الطاقة الحاصل من استقبال الأحياء النباتية للطاقة الشمسية 0,0002 كيلوواط لكل متر مربع من الأرض التي تعيش عليها هذه النباتات.

كانت الثورة الزراعية تطوراً عظيماً، تطوراً لا غنى عنه لكل الحضارة الإنسانية، ولكن في المنظور الواسع للأمر ـ وإذا اعتمدنا على الإشعاع الشمسي وحده ـ فان هذه الثورة ستكون محدودة الأبعاد فيما يخص القدرات الكامنة فيها، أما من ناحية المقياس الزمني الصحيح فان للكتلة الحيوية عمر تاريخي قصير جداً كمصدر للطاقة الحرارية. أما من ناحية تطوير النباتات كمصدر غذائي فيمكن توضيح التقييدات المرتبطة بهذه الناحية بالذات من الموضوع عن طريق استعراض النقطة التالية. إن احسن إنجازاتنا الحالية في تحسين افضل أنواع الحبوب لا يسمح إلا بكون 50% فقط من مجمل وزن النبات حبوباً صالحة للاستهلاك. وهذا يعني؛ أن بدون زيادة وزن النبات زيادة عظيمة لكل هكتار فإننا لن نكون قادرين على زيادة كمية محصول الحبوب لكل هكتار اكثر مما لدينا اليوم. وفي سبيل الحصول على نوعية البروتين الحيواني الضروري لنمو صحي لصغار السن والحصول على إمكانيات مناعية وغير ذلك، فان ذلك سيعني أن علينا أن نتخلى عن جزء من إنتاج الحياة النباتية عند تحويل مثل ذلك المنتج الزراعي إلى ناتج غذائي للمواشي. إن معاملة التربة بالأسمدة الكيماوية وصيانة العناصر العضوية النادرة في التربة واستخدام المبيدات الحشرية وغير ذلك، وحدها القادرة على تمكيننا من تحسين نوعية النباتات للحصول على محصول اكبر بكثير مما يمكن أن نحصل عليه بمجرد استخدام الإشعاع الشمسي زائداً "الأسمدة الطبيعية". عن طريق التحسين الجذري للأراضي وحده، ويندرج ضمن ذلك إدارة نظم المياه التي تتطلب بدورها كميات كبيرة من الطاقة في مرحلة ما من عملية الإدارة، يمكننا الحصول على قيم نسبية عالية للأراضي الزراعية لكل كيلومتر مربع بصورة أعم.

لقد خطت البشرية خطوة كبرى نحو الخلاص من قيود الاعتماد على الإشعاع الشمسي باكتشاف أنواع الوقود الاحفوري و"ثورة الكيمياء"، التي أصبحت أمراً ممكناً في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، واستخدام الوقود الاحفوري في الثورة الصناعية. مع ذلك، فإن لأنواع الوقود الاحفوري فترة حياة تاريخية محدودة للاستخدامات العامة للبشرية. إن الفحم مخلف رسوبي للحياة النباتية وعليه فانه محدود في سعته. ولا يشترك البترول والغاز الطبيعي مع الفحم في صفة "الوقود الاحفوري" إذ أن البترول والغاز الطبيعي يتم إنتاجهما "طبيعياً" في أية بقعة من بقاع الأرض تتواجد فيها الشروط الكيماوية المناسبة وحيث تسود بيئة ذات طبيعة "اختزالية" بالمعنى المعاكس "للأكسدة". لاشك أن كوكب الأرض ينتج وبصورة مستمرة في أعماق أتونه السحيقة إمدادات جديدة من البترول والغاز الطبيعي. برغم ذلك فان هذا المصدر أيضا مورد محدود للبشرية على المدى البعيد. وينطبق نفس الأمر على إمكانيات طاقة الانشطار النووي على الأرض، على الأقل طالما نعتمد على المواد القابلة للانشطار المستخلصة من الخامات. ولكن باستطاعتنا أن نتغلب على هذه التحديدات بواسطة الدمج النووي الحراري. فالهيدروجين موجود بوفرة في الكون وعملية الحصول على نظير الديوتريون (الهيدروجين الثقيل) من مزيج نظير الهيدروجين المتوفر على سطح الأرض وأماكن أخرى هي عملية قد تم تطويرها إلى حد الإتقان. أما وقود الدمج الحراري فانه تقريباً غير محدود إطلاقاً، مقارنة بمصادر إنتاج الطاقة الموجودة على الأرض. بالإضافة إلى ذلك، فان تقدم التكنولوجيا سيجعل إمدادات الوقود غير محدودة بشكل مطلق لاستخدامها في كل الأغراض العملية المحتملة لآلاف من السنين أطول. فعلى سبيل المثال، تمكن صناعة الوقود لأغراض الدمج الحراري العادية من الهيدروجين بواسطة أشكال منظمة تنظيماً صحيحاً من البلازما ذات كثافة تدفق طاقة خارقة الارتفاع. وهذا يمكن إحداثه عند درجات عالية من كثافة تدفق الطاقة المتاحة ضمن نطاق تنمية الدمج النووي الحراري المقنن. هكذا فإننا عندما نشرف على اختراقات اقتصادية كبرى في إنتاج صافي محصول الطاقة من طراز "الجيل الأول" من مفاعلات الدمج النووي الحراري المقنن نكون قد وصلنا إلى مشارف إمدادات غير محدودة من "الطاقة الاصطناعية".

إن الاقتراح القائل بضرورة الاعتماد على مصادر "الطاقة المتجددة"، الذي دعا إليه وزير الطاقة الأميركي السابق جيمس ر. شليزنجر وآخرين من ذلك الجناح، ما هو إلا سياسة انتحارية بحق. وقد وضحنا على نحو واف إشكالية استخدام "الكتلة الحيوية" بديلاً للطاقة النووية والوقود الاحفوري. ففي حالة جامع الإشعاع الشمسي، أو الخلايا الشمسية، تتجاوز كمية الطاقة التي يستخدمها المجتمع لإنتاج مثل هذه الأدوات إجمالي كمية الطاقة التي تجمعها تلك الأدوات في فترة حياتها العملية المفيدة. وبمعنى آخر يكون "مردود الطاقة" للمجتمع من اعتماده على مثل تلك الأدوات سلبياً.

إن من بين أهم النقاط التي يوضحها الجدول 2 هو أن هناك ترابطاً ما بين كفاءة المصدر الحراري وبين درجة الحرارة ( أو ما يعادلها) التي يعمل المصدر الحراري عند مستواها. إن هذا الجدول يستحضر ذكرى سادي كارنو (1796- 1832). وطالما تقيد المرء "بالنظرية العددية" للحرارة ااصدمية فيظهر لنا أن صيغة كارنو الشهيرة هي صاحبة الفضل في كشف حقيقة أن العمليات الأكثر تكلفة لتوليد الطاقة يمكن أن تتنافس مع العمليات ذات التكلفة الأقل إن كانت الأولى تعمل عند كثافة تدفق طاقة اعظم من تلك الأقل تكلفة. مع ذلك فان كارنو نفسه لم يكن مرتاحاً بتاتاً للنظرية العددية ولم يستخدم افتراضاتها إلا على سبيل ملاءمتها للزمان الذي كتب فيه كارنو رسالته عام 1824. أما التفنيد الحاسم "للنظرية الإحصائية للحرارة" فقد تم على يد ريمان في أطروحته المعروفة "On the Propagation of Plane Air Waves of Finite Magnitudes" لعام 1859. وهذه الأطروحة هي إحدى أهم المصادر المستخدمة في طريقة لاروش ريمان. وقد كان اللورد رايلي (Lord Rayleigh 1843- 1919) أثناء فترة تأليفه في تسعينات القرن التاسع عشر من بين أولئك الذين أكدوا أن نظرية الغاز الإحصائية ستُقلَب بكاملها رأساً على عقب إذا ثبتت صحة أطروحة ريمان لعام 1859. كما وبرهن علماء ألمان على أطروحة ريمان مختبرياً فيما بعد. ويدين البروفيسور ايرفن شرودينغر ( Erwin Schrodinger 1887- 1961) في عمله حول الهندسة الداخلية للإلكترون بالفضل لأطروحة ريمان هذه. ويكمن في الجدول 2 أمرٌ اعمق في دلالاته مما يمكن استنباطه بأي حال من الأحوال ضمن حدود النظرية العددية للحرارة.

ويتعلق هذا الأمر بالظاهرة التي أشرنا إليها في موقع سابق من هذا الكتاب: وهي الحالة التي ينجِزُ فيها مجردُ جزء من إجمالي الطاقة المزودة لعملية ما، بفضل أن ذلك الجزء يرفع إلى درجة كافية من كثافة تدفق الطاقة، ينجز قدراً من العمل اكبر بكثير مما تنجزه كل الطاقة المزودة، إذا كانت هذه الطاقة مستخدمة عند مستوى أدنى بكثير من كثافة تدفق الطاقة.

إن هذه الظاهرة المثيرة تتضمن جزئياً حالات لا يمكن أن يحدث فيها تفاعل كيميائي، مثلاً، ما لم يستحث التفاعل عند مستوى أدنى معين من كثافة تدفق الطاقة. وهنالك بالتأكيد حالات يمكن عرضها على سبيل القياس. وتتعلق مثل هذه الأمثلة بالمسألة التي سيتم تطويرها لاحقاً في هذا الكتاب. لكن هذه المسألة تنطوي على معاني اعمق مما تحاول هذه الأمثلة أن تشير إليه ضمناً.


الهوامش

[1] انظر الإشارة السابقة إلى "Unity of Law" .

[2] هذه تقديرات تم تصنيفها في بحث اوفه باربارت-هينكه.

[3] إن عملية إعادة تركيب تفاصيل تلك الرحلة الموصوفة في الأوديسة قد تمت في عام 1978 على يد مجموعة من باحثي الحضارة الإغريقية الكلاسيكية. وتستوجب تلك التفاصيل وجود وسائط نقل بحري مشابهة لسفن الفايكنج الطويلة التي كانت منتشرة في الواقع في البحر المتوسط في الألف الثاني قبل الميلاد. إن مصطلح "روح السفينة" الموجود في النص يفترض وبقوة وجود بوصلة مغناطيسية، وهذا الضرب من التكنولوجيا كان في الواقع محتمل الوجود في تلك الفترة لأسباب لا يمكن إيراد كل تفاصيلها هنا.

[4] إن اقدم وصف تاريخي يمكن رد وجود حضارة صيد والتقاط بدائية حقيقية إليه يظهر في وقائع قصص شعب الأطلس، كما ينقلها ديودوروس سيكولوس (Diodorus Siculus مؤرخ روماني من القرن الأول قبل الميلاد). إذ يصر شعب الأطلس الذي سكن في الإقليم الخصب من مغرب اليوم قرب مضيق جبل طارق على أن أسلافهم القدماء كانوا يمثلون مجتمع صيد والتقاط بسيط قبل أن يتم بناء مركز مدني على يد حضارة بحرية علمت سكان المنطقة الأصليين الزراعة. وهذه الحضارة هي حضارة "اطلانطس" المذكورة في حوارات أفلاطون. وتتطابق أسماء السلالات لتلك الحضارة مع الأسماء الموجودة في الفترة الأولى في مصر ما قبل السلالات. إن ما يصفه باحثو الأنثروبولوجي عادة بحضارات "صيد والتقاط" ليست حضارات "بدائية" بالمعنى الدقيق، بل هي ناتج انهيار وانحطاط مجتمعات كانت ذات مستوى حضاري عالٍ نسبياً.


{{{نهاية الفصل الثاني}}}





Citizens Electoral Council © 2016
Best viewed at 1024x768.
Please provide technical feedback to webadmin@cecaust.com.au
All electoral content is authorised by National Secretary, Craig Isherwood, 595 Sydney Rd, Coburg VIC 3058.